موسم صيد الغزلان

قصة مراد السابعة. التناسخ الأنضج لروايته الثالثة الأكثر أثارة للجدل..الفيل الأزرق

اتضح انها تفوقها أثارة للجدل
رغم قوة القصة، واجواءها المستقبلية الكابوسية المتقنة، بل والاهم الكارما بالنهاية، لكن أنتقصت التقييم لأنها عانت اسلوب الفيل الازرق
فبطلها ايضا نظرته مسيئة للمرأة، يختصرها كأداة للجنس بطريقة اكثر’إستعلاءا‘ وحيوانية

بل ولنفسه ايضا، يري نفسه حيوانا متطورا يدين بدين داروين، بل ويزيد من حوارات التشكيك في وجود الله..وقصة الخلق بشكل أكثر وقاحة من الفيل الازرق بمراحل
لكن..
حقا ألم تلحظ كم هي مكررة تلك الأسئلة الإلحادية، مهروسة، لقد قرات مثيلتها في 7 ملايين منشور بمواقع التواصل الاجتماعي، بل ومندسة في حوالي 700 رواية تزيد بعصرنا الحالي..بل يكفي انتشار طبعة كتاب 'وهم الآله' العربية بل والاشادات بروايات غربية اكثر الحادا او الاعجاب الذي يصل للتعصب باولاد حارة نجيب محفوظ

“-حسيت في كلامك بغضب ناحية السما، كأنك بتتعمد تهاجمها، إنت عندك تار شخصي معاها؟
”-ممم، عامة أنا مش معترف بوجوده عشان أغضب منه، الأديان أخرت اكتشاف جاليليو ميت سنة وبتحارب داروين لغاية النهارده
أحمد مراد - موسم صيد الغزلان

“مش فاهمة إيه؟ الرواية انا بلعتها بمية عشان اكتب عنها مقال..يا ابني ده كاتب عنده كبت جنسي..باين في كتابته..بين كل فصل وفصل جنس محشور حشر..والشذوذ عنده عادي..ده غير أن مفيش أسلوب أصلا”
أحمد مراد - تراب الماس

“ألا تعلمون أن المفترسين دائما بالجوار؟ سيماهم في وجوههم من أثر الصيد، يبتسمون في وداعة طفل وهم يتربصون”

“أستني استني، انت بتقارن مين بمين؟ يابابا الجنس عند باولو كويللو موظف وفي الأخر في معني”
أحمد مراد - تراب الماس

وفي الأخر في معني
عشان كدة يمكن لم اتعصب للمنغصات والتجاوزات الجنسية....لأن ربما ستجد في الاخر معني

ولكن هذا اخر المراجعة... لنر في 3 مراحل ، بأجمالي7 نقط باختصار ومحاولة عدم الحرق سنتعرف لما صارت من روايتي العربية المفضلة

ولما من وجهة نظري كانت انضج من نسختها الاقدم ، الفيل الازرق، علي الاقل بنهايتها...بنهاية المراجعة

*** أولا القصة ***

التقييم: ٤،٢١ نجمة

1- الثلث الاول
في اجواء مستقبلية في مصر، وفي حمي ظهور مذنب يمر بالارض من المغرب إلي المشرق، تدور الاحداث

بنتابع البطل ، نديم ، دكتور علم النفس التطوري والبيولوجي ، الملحد المتعصب، المؤمن بداروينه لدرجة تعامله كحيوان متطور صائد النساء ، الغزلان
علاقته الفاترة مع زوجته، المشتعلة مع غزلانه

يحلم بغزالة حمراء تأتيه في حلما جاء بعد فترة طويلة من جفاف احلامه، حلما مدته رقم مجموعه 7 ...سجله في عينه الثالثة وشاهده مرارا وتكرارا

(((نعم الرواية مليئة بالإشارات الماسونية، كالحية، النجمة السداسية، العين الثالثة، كثرة ذكر 7 ومضاعفاته، او رقم 3 -الرواية 333 صفحة-، وغيرها)))

وكأن ماندالا الاحلام جلبت له حلمه ليتجسد في الحقيقة...سيقابلها في محاضرته عن وهم الآله

لكن يرافقها رجل غامض...يشرح له انه يدير ملاذا بعيدا عن التكنولوجي والعدسات الذكية "العين الثالثة" المسيطرة علي حياة البشر في هذا الوقت سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي علينا بعصرنا هذا

ملاذ يعود للطبيعة...والروح
الملاذ سيساعد عقله المرهق الحصول علي الصفاء الذهني ...والذي طالما نشده نديم ، بدليل محاولاته ان يحلم قبل بداية الاحداث

ولكن...سيوافق علي الذهاب للتجارب العجيبة لسبب اخر...صيد الغزلان

☆ ☆ ☆ ☆ ☆ ☆ ☆

الثلث الاول ميزته الأكبر هو بناء العالم الذي تدور به الرواية...الديستوبيا المستقبلية ، الروبوتات، زرع اعضاء الجسم حتي الرأس، الاستنساخ....حرب المياه ...البيتكوين
كلها أمور بدات بوادرها بالفعل للأسف
كيف اصبح البشر يشعرون كالالهة بخلقه روبوت الذكاء الاصطناعي، وافكار سوداوية حول الامر

(((والغريب ان اشاهد هذا في وقت منح الجنسية السعودية لروبوت -ويدعي صوفيا كمان- درجة ذكاءه وبشريته سيصيبك بالقشعريرة خاصا إن قرات روايات الخيال العلمي القديمة عنهم)))

والمذنب الناري ورمزيته ، والمذنبات دوما يتبعها امور مثلها، غريبة، تحدث مرة في العمر


أستمتعت جدا بالاسلوب، كرهت بشدة الجنس المحشور وتعجبت لكل تلك الكراهية التي يكنها البطل للاله...بالرغم من انها تم هرسها في 7 ملايين المنشورات كما قلت من قبل
لكن التشويق سيدفعك دخول الملاذ...واستكمال الثلث الثاني

~~~~~~~~~~~

2-الثلث الثاني
يدخل نديم الملاذ..3 مراحل عجيبة يتخللها سرد عجيب بأسلوب مراد يعيد فيه سيناريو احد القصص الدينية الشهيرة
هذه المرة قصة خلق أدم .. ورفض الشيطان للسجود
القصة من وجهة نظر الشيطان، اللي بيتقمصه نديم بطل القصة، وبمزيج عجيب -تتفق معه او تختلف- بين قصة آدم ونظرية داروين للتطور!!!!!؟

الفكرة مجنونة، انتحارية، تشبه ما فعله احمد مراد مع قصة سيدنا موسي في أرض الإله
ولكنها اعجبتني هنا أكثر وتدعو للتفكير

(((ربما تضايق البعض من فكرة التفاحة ، ولكن تذكر انها كما انها ليست في التوراه هي ايضا ليست في القرآن كلفظ صريح)))

وينتهي الثلث الثاني بنهاية المرحلة الثالثة من تجربة نديم.. تجربة روحية عن التناسخ


هل تذكر الرواية القصيرة لدكتور مصطفي محمود (العنكبوت)؟ هنا يستخدم احمد مراد نفس النظرية تقريبا -وهي نفس الفكرة التي استخدمها في الفيل الازرق- ، الولوج لذلك الجزء من المخ الذي يعتقد ان به خبرات حيواتنا السابقة
دون المساس بأمر الروح في مراجعتي ، فعند القراءة عاما حول ذلك الموضوع ، الغدة الصنوبرية في المخ والافكار المسبقة في البشر منذ ولادتهم ، قد يجعلك الامر تتقبل نوعا ما حكاية المرحلة الثالثة لنديم في الملاذ

ولكن نديم الملحد، الغير مؤمن بالروح سيمقت التجربة بالتاكيد وسيغادر الملاذ غير مقتنعا

~~~~~~~~~~~

3-الثلث الثالث
الكشف...كما تنبأت مريم ، زوجة نديم ، من متابعتها لحركة الابراج والكواكب

صدام رهيب سيحدث بين الشخصيات وتجربة رابعة بالملاذ ستنهي الاحداث بمفاجأت لم اتوقعها
واكتشافات عجيبة لنديم ، ونهاية صادمة مؤثرة
الجزء الثالث ذروة فعلا للأحداث، ثعابين مراد تظهر كلها لتحل كل الخيوط المتشابكة

أخيرا ستعرف سبب حيونة نديم...والحاده..بتحليل نفسي أفضل بمراحل من عبث الفيل الازرق

رواية كل جزئية بها مهمة ، وحتي التوفيق في سبب رسم الرواية في ذلك الجو المستقبلي

*** ثانيا الشخصيات ***

4- اعجبني جدا اسلوب رسم الشخصيات ، نديم ثري جدا ويمثل بشكل واقعي كثير من الملاحدة وأوغاد سوء معاملة الغزلان، عذرا، النساء...ولكن اعجبني اكثر تفسير وتبرير كل تصرفاته بشكل ممتاز
الندبة في رأسه وحيواته السابقة ، وشيطنته...ورمز اسمه نفسه …. شخصية تحب ان تكرهها كما يقال

مريم ورمزية اسمها العبقري -وإن ضايقني ايضا اوصاف نديم لها..وحتي رمزية رواية فيرجينا وولف التي تحاول أنهاءها

طارق ، غريب الاطوار الغامض...صيادا اقوي من صائد الغزلان

تاليا ، التناسخ الأخير لمايا الفيل الازرق...اكثر نضجا وجمالا وأثارة وغموض وتحفيزا للاحداث

*** ثالثا الأسلوب ***

5- لن اعيد في مدح اسلوب مراد التشويقي ،فهو امر مفروغ منه، فقصصه دوما مشاهدها حية ، متسارعة ومثيرة ، ربما عدا قصته السادسة (لم تكن رواية، اقصد قصة فيلمه الأول الاصليين) ، يعيبها فقط الحشو الجنسي ، حتي إن قدمت كارما بالنهاية وتفسير سنتناوله لاحقا، فجعل المشاهد الجنسية بهذه الحيوية والوضوح ليس مستحبا كي لا تصير الرواية فحسب مصدر أثارة غرائز مراهقين -وربما لاقتباس جمل منها في التحرش- او تصير الرواية مصدر تقزز الكثير من القراء المحافظين

~~~~~~~~~~~

6- ليه رغم الحشو الجنسي والسطور الإلحادية -المنتشرة مرة اخري في غيرها ايضا- في موسم صيد الغزلان ، قيمتها اعلي بكثير من الفيل الأزرق وحتي تراب الماس؟

“وبعدين مش المفروض الكاتب يكتب عشان يصلح مجتمع. لو فكرتي بالشكل ده احسن لك تكتبي موضوع إرشادي في مدرسة .. الرواية حرة.. ابداع غير مقيد برسالة”
أحمد مراد - تراب الماس

الفكرة دي تكررت كثير عن هدف الروايات او رسالتها
هنا ربما كانت الرواية بالنسبة لي انضج -حتي وأن شابها واتهمها البعض بالمباشرة- ف��النسبة لي الكارما التي حدثت للبطل ، ونهاية الاحداث سواء دراميا والتفسير النفسي للبطل او حتي التفسير العلمي الذي يرد ولو بشكل غير مباشر علي كل الشكوك الإلحادية لنديم يستحق جدا ان أ��وم بالاشادة بالرواية
يستحق في جعلها رواية لها هدف ورسالة

~~~~~~~~~~~

7- رقم الحظ...رقم النضج
دان براون / باولو كويلو/ د.مصطفي محمود / يوسف زيدان / ادب الخيال العلمي العالمي / الادب النفسي والديني / سباعية هاري بوتر
ستجد خلال الرواية انك تجد شيئا وخيطا مشابه للكتابات السابقة
علم الرموز والاديان / الروحانيات ورحلات الروح عبر الزمن / العلم والايمان وغرائب العقل / اللغة العربية وتفاسيرها / /التطور العلمي في المستقبل / الغوص في النفس البشرية وعقدها وخطاياها منذ الازل/ الندبة القديمة التي يمحوها الحب الذي له دوما الغلبة
اكتشافات روبرت لانجدون لامور تشكيكية في تفسيرات الكتب المقدسة ، رواية العنكبوت لمصطفي محمود بالاخص تذكرتها كثيرا بمرحلة الملاذ الاخيرة ، كم كبير من روايات الخيال العلمي عن الروبوتات ، ندبة نديم ، الحيوات السابقة لباولو في ألف او "طرطرته" حول الجنس في 11 دقيقة، والكلمة الأخيرة ربما استخرجها يوسف زيدان من المعجم

كل هذا المزيج العجيب خلطه مراد بأسلوبه المثير وبقصة ملغمة بالغموض والمفاجأت لاخر صفحة ، وبالحشوه الجنسي بابتذاله المعتاد، مع عرض الأسئلة التي تدور في المتشككين او الملاحدة ...ثم محاولة تقديم حل بنظرية علمية من 3 سطور باخر 3 صفحات كرد علي جزء كبير من هذا، بالإضافة لمجرد الإيمان بالروح، الشعور بالذنب والتطهر منه، أو حتي الاعتراف بالشيطان -كقصة مزج بداية الخلق مع نظرية التطور- هو ما جعل الرواية ناضجة
لها هدف ، وتبرر الشك بل وأهميته كالطريق الوحيد لايمان حقيقي بالبحث الجاد

“في سنة 2012 اللي حطت فيها مركبة فضائية علي المريخ واكتشفنا ثقب اسود اكبر من شمسنا بسبعتاشر بليون مرة، ظهرت في القاهرة رواية أسمها “الفيل الأزرق”، الرواية دي حكت عن شيطان اسمه نائل”مضاجع” بيحتل أجساد الرجال بعد تعويذة استدعاء من ساحرة، عشان يمارس الجنس مع الاثني البشرية، والدافع شهوة الشيطان ناحية الجسد الطيني والحقد عليه! مش ده الغريب، الغريب إن الرواية كان اكتر قراءها من المثقفين، صدقوا المحتوي واندمجوا، منهم اللي نزلوا اشتروا كتب سحر قديمة زي شمس المعارف وآكام المرجان في أحكام الجان عشان يفهموا العالم ده، ومنهم اللي هاجموا الكاتب بدعوي تفتيح عيون الناس علي عالم الجن والعفاريت”
أحمد مراد - موسم صيد الغزلان