Nothing Special   »   [go: up one dir, main page]

Academia.eduAcademia.edu
‫ املخاطبات‬AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014 ‫حنو حجاج قانوني‬ ‫( من اللسانيات إىل التداوليات‬ Abdelhak BELABED (KING SAOUD UNIVERSITY) Résumé A partir du principe qu'il n'ya pas d'interaction sans communication et aussi il n'ya pas d'interaction sans argumentation, cela nous a fait approcher l'argumentation dans des sujets qui n'ont pas été étudié par les recherches Arabes fréquemment, y compris l'argumentation juridique qui subissent une évolution de la part de l'un de ses fondateurs (Chaïm Perelman) qui a dépassé la Rhétorique Aristotélicienne et à développe son projet pour la Rhétorique nouvelle qui fait de la loi son sujet pour être le titre de la justice du juge et de l'approbation du justiciable. Mots-Clefs : Argumentation juridique, Chaïm Perelman, la nouvelle rhétorique. ‫ جعلنا نقارب‬،‫إن انطالقنا من مبدأ الذي يرى أنه ال تواصل دون تفاعل وال تفاعل دون حتاجج‬ ‫ملخص‬ ‫ والذي يعد آخر‬،‫ ومنها احلجاج القانوني‬،‫احلجاج يف مباحث مل تشتغل عليها الدراسات العربية كثريا‬ ‫ بعد أن حبثنا يف اللسانيات القانونية و السيميائيات‬،‫احللقات يف املشروع البحثي الذي يشغلنا منذ سنوات‬ ‫ غري أننا توقفنا عند مبحث التداوليات ملا‬،)‫القانونية بفروعها الثالث ( الرتكيبيات والدالليات والتداوليات‬ ‫لنقف عند أحد‬ .‫ ومنها الدراسات القانونية‬،‫يعرفه اآلن من تطور يف الدراسات الغربية والعربية احلديثة‬ ‫ وجمددا للبالغة‬،‫املفكرين البارزين يف هذا اجملال (شايم بريملان) الذي يعد مؤسسا للحجاج القانوني‬ ‫ ليدفع بالتداوليات عامة والتداوليات القانونية على وجه التحديد إىل واجهة الدرس‬،‫األرس طية القدمية‬ .‫ معلنا بذلك ظهور احلجاج القانوني عنوان عدالة القاضي وتسليم املتقاضي‬،‫البالغي اجلديد‬ .‫ اخلطابة اجلديدة‬،‫ شايم برملان‬،‫ حجاج قانوني‬:‫مفتاح‬-‫الكلمات‬ Abstract The ventured from the principal that no communication without interaction and no interaction without argumentation made us study the arg umentation in subjects did not operate by the Arab Studies frequently, including the argumentation's law which is undergoing by one of its founders who is ( Chaim Perlman), which exceeded Rhetoric Aristotelian to tweak in his project for new Rhetoric which made her the subject of law, to be the title of the justice of the judge and the approval of the litigant . Keywords: Legal argumentation, Chaïm Perelman, The New Rhetoric. © AL-MUKHATABAT, Numéro 12/Octobre 2014, Abdelhak BELABED : ‫نحو حجاج‬ )‫ قانوني (من اللسانيات إلى التداوليات‬p. 131- 166. 131 ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫‪ ‬عتبة منهجية‪:‬‬ ‫إن انطالقنا من مبدأ الذي يرى أنه ال تواصل دون تفاعل وال تفاعل دون تحاجج‪ ،‬جعلنا‬ ‫نقارب الحجاج في مباحث لم تشتغل عليها الدراسات العربية كثيرا‪ ،‬ومنها الحجاج القانوني‪،‬‬ ‫والذي يعد آخر الحلقات في املشروع البحثي الذي يشغلنا منذ سنوات‪ ،‬بعد أن بحثنا في‬ ‫السيميائيات القانونية بفروعها الثالث ( التركيبيات والدالليات والتداوليات)‪ ،‬غير أننا‬ ‫توقفنا عند مبحث التداوليات ملا يعرفه آلان من تطور في الدراسات الغربية والعربية‬ ‫الحديثة‪ ،‬ومنها الدراسات القانونية‪.‬‬ ‫لنقف عند أحد املفكرين البارزين في هذا املجال (شايم بيرملان) الذي يعد مؤسسا‬ ‫للحجاج القانوني‪ ،‬ومجددا للبالغة ألارسطية القديمة‪ ،‬ليدفع بالتداوليات عامة‬ ‫والتداوليات القانونية على وجه التحديد إلى واجهة الدرس البالغي الجديد‪ ،‬معلنا بذلك‬ ‫ظهور الحجاج القانوني عنوان عدالة القاض ي وتسليم املتقاض ي‪.‬‬ ‫لهذا سننظر فيما أسميناه باملصطلحات‪-‬النظرية‪ ،‬وهما عندنا مصطلح اللسانيات‪،‬‬ ‫ومصطلح القانون‪ ،‬الرتكازهما على نظرية معرفية وعلمية‪ ،‬لنصل بهما إلى وجه التواصل‬ ‫املوجود بينهما‪ ،‬فيما سنصطلح عليه باللسانيات القانونية كلغة تخصصية ومصطلحية في‬ ‫آلان نفسه‪ ،‬لنصل بعد ذلك للتداوليات القانونية‪ ،‬الفاتحة ملشاغل الحجاج القانوني‬ ‫الذي نريد فهم مسالكه البحثية‪ .‬فاللسانيات القانونية ستمكننا من فهم النصوص‬ ‫والخطابات القانونية(‪ ،)1‬وتحليلها من خالل إلاجراءات اللسانية‪ ،‬لتصبح اللسانيات هي‬ ‫املصطلح‪-‬إلاجراء‪ ،‬والقانون سيصبح املصطلح‪-‬املوضوع‪ .‬و هذا املجال من البحث لجدته‬ ‫في الدراسات العربية‪ ،‬يحتاج منا تدبرا مصطلحا في التخصصين‪ ،‬واستعماال خابرا لقوائمه‬ ‫املصطلحية‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪Gérard Cornu, Linguistique juridique, Ed. Montchrestien, Paris 2005.‬‬ ‫ينظر أيضا‪ :‬الكتاب املهم والذي نراه أول كتاب مترجم للغة العربية في مثل هذه الدراسات ‪:‬‬ ‫جون أولسون‪ ،‬علم اللغة القضائي ( مقدمة في اللغة والجريمة والقانون)‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دمحم ناصر الحقباني‪ ،‬النشر العلمي واملطابع‪،‬‬ ‫ط‪ ،1‬جامعة امللك سعود‪ ،‬سنة ‪ ،4002/1241‬الرياض‪.‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫‪ -1‬املصطلحات‪-‬النظرية ‪:‬‬ ‫‪ -1-1‬حد اللسانيات ومحدداتها ‪:‬‬ ‫* في املصطلح ‪:‬‬ ‫لقد جاءت محاضرات دسوسير اللسانية فتحا جديدا للدرس اللغوي عامة‪ ،‬متجاوزة‬ ‫بذلك متجاوزة بذلك طروحات اللسانيات التاريخية وفقه اللغة(‪ )1‬التي استمرت لزمن‬ ‫طويل‪ ،‬لتقلب هذه املحاضرات موازين الدراسات اللغوية‪ ،‬مخرجة اللغة من التأمل إلى‬ ‫التجريب‪ ،‬جاعلة منها مؤسسة اجتماعية كونها " دراسة علمية منهجية للسان ذلك العضو‬ ‫الفيزيولوجي والاجتماعي من اللغة‪،‬القابل للوصف بالتحليل ثم التركيب من جديد‪،‬بما هو‬ ‫نظام من العالمات اللسانية الداخلة في عالقة فيما بينها‪،‬املدروسة في ذاتها ومن أجل ذاتها‪،‬‬ ‫املتمفصلة على نفسها لدال ومدلول‪ ،‬واملتسمة بخاصية الاعتباطية والخطية‪ ،...‬واملرسلة‬ ‫من قبل املرسل واملستقبلة من طرف املرسل إليه داخل هذا الوضع(اللغة)"(‪.)2‬‬ ‫فقد أتينا في هذا التعريف على ّ‬ ‫حد اللسانيات ومحدداتها‪ ،‬كما أوردها "دي سوسير" في‬ ‫محاضراته‪ ،‬وفسرها شراحه من بعده‪ ،‬مركزين على علميتها‪ ،‬ومنهجيتها‪ ،‬ووصفيتها‬ ‫باألساس وعل وظيفتها الاجتماعية‪ ،‬وما تنسجه من عالقات بين وحداتها اللسانية‪،‬‬ ‫وتحديدها ملوضوع دراستها وهي اللغة‪.‬‬ ‫* في املنهج ‪:‬‬ ‫إن املنهج الذي تتبعه اللسانيات وهو املنهج الوصفي‪ ،‬لهذا سميت لسانيات دي سوسبر‬ ‫باللسانيات الوصفية العتمادها الوصف كإجراء تجريبي و تحليلي للغة املدروسة(‪ ،)3‬و هذا‬ ‫ما ذهب إليه باقي اللسانيين الذين جاءوا من بعده‪ ،‬بأن هدف النظرية اللسانية هو وضع‬ ‫إجراءات تتيح وصف نص محدد وصفا غير متناقض وشامل‪ ،‬على أنها يجب أن تشير كيف‬ ‫‪1‬‬ ‫‪F. De Saussure, Cours de linguistique générale, Ed. ENAG, Alger, 1994.‬‬ ‫‪Joseph Ghazi, Pour comprendre la linguistique, Ed.Puma, Paris, 1985, p.19.‬‬ ‫‪Osward Ducrot, Jean Marie Schaffer, Nouveau dictionnaire Encyclopédique des‬‬ ‫‪sciences du langage, Ed.du seuil, Paris, 1995, pp.34-41.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫جون الينز‪ ،‬هل ألالسنية علم ؟‪ ،‬ضمن كتاب‪ ،‬ألالسنية(علم اللغة الحديث)‪ ،‬قراءات تمهيدية‪ ،‬مليشال زكريا‪ ،‬املؤسسة‬ ‫‪2‬‬ ‫الجامعية للدراسات والنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،1122‬بيروت لبنان‪ ،‬ص ‪.111-111‬‬ ‫‪133‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫باستطاعتنا أن نعالج على النحو نفسه‪،‬كل نص آخر من النوع نفسه‪ ،‬ويجب أن تقدم لنا‬ ‫العدة القابلة لالستعمال في دراسة هذه النصوص(‪ .)1‬لتتعدد بذلك فروع اللسانيات‬ ‫وتخصصاتها منه اللسانيات اجتماعية‪ ،‬واللسانيات النفسية‪ ،‬واللسانيات العصبية‪،‬‬ ‫واللسانيات إلاحصائية‪)2(...‬‬ ‫* في املبادئ اللسانية ‪:‬‬ ‫ليرس ي بذلك "دي سوسير" دعائم اللسانيات الوصفية (والبنيوية من بعدها)‪ ،‬البانية‬ ‫ملبادئ التفكير اللساني عامة‪ ،‬ومن أهم هذه املبادئ التي ستصبح بيانا عاما للسانيين‬ ‫والحلقات اللسانية‪ ،‬ومنها(‪:)3‬‬ ‫ اللغة مؤسسة اجتماعية‪،‬ومنها تستلهم وظيفتها‪.‬‬‫ اللغة شكل وليست جوهرا‪.‬‬‫ اللغة نظام من العالمات اللسانية‪.‬‬‫ اللغة قابلة للوصف‪،‬بالتحليل ثم التركيب من جديد‪.‬‬‫ تدرس اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها‪.‬‬‫ البحث في العالقات التي تنسجها هذه العالمات اللسانية فيما بينها‪.‬‬‫ البحث في طبيعة العالمة اللسانية (الدليل اللغوي)‪ ،‬الجامعة لكل من الدال واملدلول‪،‬‬‫ّ‬ ‫والخطية‪....‬‬ ‫املتميزان باالعتباطية‬ ‫ الاحتفاء بالثنائيات التقابلية (اللغة‪/‬الكالم‪ ،‬الدال‪/‬املدلول‪ ،‬الدراسة آلانية‪/‬الدراسة‬‫التطورية‪ ،‬املحور النظمي‪/‬املحور الاستبدالي‪.)...‬‬ ‫و بهذه املبادئ التي طرحها "دسوسور" في محاضراته‪ ،‬يكون قد أبان عن سبيل الدرس‬ ‫اللغوي الذي ينتهجه‪ ،‬والذي سينتهجه كل من جاء بعده إما بالشرح أو التوضيح‪ ،‬أو‬ ‫‪1‬‬ ‫ لويس ياملسالف‪ ،‬هدف نظرية اللغة‪،‬ضمن‪ ،‬ألالسنية (علم اللغة الحديث)‪ ،‬قراءات تمهيدية‪ ،‬مليشال زكريا‪ ،‬ص‪.442-444‬‬‫‪2‬‬ ‫ جون الينز‪ ،‬فروع ألالسنية‪ ،‬ضمن كتاب‪ ،‬ألالسنية(علم اللغة الحديث)‪ ،‬قراءات تمهيدية‪،‬ل ميشال زكريا‪ ،‬ص‪.401-402‬‬‫‪3‬‬ ‫‪F. De Saussure, Cours de Linguistique Générale, pp.107-296.‬‬ ‫‪ Fançoise Gadet, Saussure, une science de la langue, Ed. Puf, Paris, 1987.‬ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫‪pp. 29-69.‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫التعقيب‪ ،‬لعلمنا بأن كل واضع لنظرية ما إال وجاء كالمه مجمال يحتاج إلى شرح وتفصيل‬ ‫من لدن املتخصصين في املجال‪.‬‬ ‫‪ّ -2-1‬‬ ‫حد القانون ومحدداته ‪:‬‬ ‫* في املصطلح ‪:‬‬ ‫إن أصل كلمة القانون يوناني " ‪ " kanun‬واملقصود بها العصا املستقيمة‪ ،‬ويفسر ذلك‬ ‫انتقالها إلى اللغات ألاخرى بمعنى "مستقيم"‪ ،‬فقد عبرت عنها اللغة الفرنسية بكلمة "‪Droit‬‬ ‫"‪ ،‬وقابلتها اللغة إلايطالية بكلمة "‪ ،" Diritto‬ونظيرتها ألاملانية بكلمة "‪ .)1(...." Recht‬فكلمة‬ ‫القانون تعبر إذن عن نوع من النظام الثابت املتمثل في ارتباط حتمي بين ظاهرتين‪ ،‬وكأنما‬ ‫توجد إحداهما في طرف عصا مستقيمة لتقابلها ألاخرى في نهاية العصا دون انحراف‪.‬‬ ‫لهذا فقد تعددت متصورات القانون وتنوعت‪ ،‬فقد يقصد به كل قاعدة مطردة‬ ‫مستقرة‪،‬يفهم منها نتائج معينة‪ ،‬وهذا هو املقصود من القانون العام‪،‬وهو لفظ يستعمل‬ ‫في مجاالت كثيرة‪ ،‬علمية‪ ،‬واقتصادية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬و رياضية‪،‬كأن نقول قانون الجاذبية‪،‬‬ ‫وقانون العرض والطلب‪ ،‬وقانون الطفو‪...‬الخ‪.‬‬ ‫و قد يقصد بالقانون مجموعة القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية‪،‬لكي‬ ‫تنظم مسألة معينة‪ ،‬مثل قانون الوظيفة العامة‪ ،‬وقانون تنظيم الجامعات‪ ،‬وقانون‬ ‫املحاماة‪ .‬ويمكن لهذا القانون أن يراد به‪/‬منه التدليل على فرع معين من فروع القانون‬ ‫فيقال مثال القانون املدني‪ ،‬والقانون التجاري‪ ،‬والقانون املالي‪،‬كما يتلبس في مفهومه العام‬ ‫بمعاني منها التقنين (‪ , )code‬معنى التشريع (‪ ،)loi‬أو معنى القانون الوضعي (‪)Droit positif‬‬ ‫إال أن ألاقرب إلى ّ‬ ‫حد القانون هو كونه مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم سلوك‬ ‫ألافراد في املجتمع‪ ،‬والتي يتعين عليهم الخضوع لها ولو جبرا إذا اقتض ى ألامر ذلك(‪.)2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ حبيب إبراهيم خليل الخليلي‪ ،‬املدخل للعلوم القانونية(النظرية العامة للقانون)‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬ط‪،4‬‬‫الجزائر‪ ،‬سنة‪ ،1121‬ص ‪.10-1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪Pierre Voirin, Manuel de droit civil, Ed. L.G.D.J, Paris, 1970, pp. 5-20.‬‬ ‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫‪135‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫* في املنهج ‪:‬‬ ‫يعتمد القانون كباقي العلوم والتخصصات على منهج يعتمده لفهم نصوصه ومواده‬ ‫القانونية ومن بين املناهج املعتمدة(‪ ،)1‬نجد منهج الشرح على املتون الذي سادة لفترة‬ ‫طويلة الذي يكتفي في تفسيره للنصوص بالنصوص ذاتها راجعا في ذلك إلى إرادة املشرع‬ ‫ومشيئته‪ ،‬وهناك املنهج الاجتماعي الذي ال يرى العبرة في الكشف عن إرادة املشرع‪ ،‬وإنما‬ ‫العبرة بتلك إلارادة املحتملة التي كان سيتجه إليها املشرع لو أنه وجد في الظروف‬ ‫الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بالفقيه أو القاض ي عند تفسيرهما للقانون‪،‬كما يوجد‬ ‫املنهج العلمي وهذا املنهج وإن شابه منهج الشرح على املتون في لجوئه إلى إرادة املشرع‪ ،‬إال‬ ‫أنه خالفه في فتح باب الاجتهاد والتأويل في حالة عدو وجود إلارادة الحقيقية للمشرع‬ ‫فسيبحث عن تأويل لهذه النصوص القانونية في نصوص أخرى خارجة عنه هده في ذلك‬ ‫كله الاستقرار والثبات للقواعد القانونية التي يحتكم إليها الشعب‪.‬‬ ‫* في املبادئ القانونية(‪: )2‬‬ ‫يحتكم القانون إلى مبادئ وقواعد ذات خصائص ال بد من احترامها واحتكام من قبل‬ ‫املخاطبين بها ‪:‬‬ ‫‪ -1‬القاعدة القانونية قاعدة مجردة وعامة ‪:‬‬ ‫فالقاعدة القانونية قاعدة مجردة‪ ،‬ألنها تصاغ وتوجه ألفراد املجتمع بصفاتهم‪،‬وللوقائع‬ ‫القانونية بشروطها‪ ،‬فالقاعدة القانونية ال توجه إلى شخص معين ومحدد بذاته وتتناول‬ ‫ خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬شرح النظرية العامة في القانون الجزائري‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة‪ ،1122‬الجزائر‪،‬‬‫ص‪.10-1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ اسحق إبراهيم منصور‪ ،‬نظريتا القانون والحق‪ ،‬وتطبيقهما في القوانين الجزائرية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪،1121‬‬‫الجزائر‪ ،‬ص‪.12-22‬‬ ‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫ خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬شرح النظرية العامة في القانون الجزائري‪ ،‬ص‪.111-112‬‬‫‪2‬‬ ‫ خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬شرح النظرية العامة في القانون الجزائري‪ ،‬ص ‪.11-11‬‬‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫‪ -‬حبيب إبراهيم خليل الخليلي‪ ،‬املدخل للعلوم القانونية (النظرية العامة للقانون)‪ ،‬ص‪.42-12‬‬ ‫‪136‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫واقعة بعينها‪ ،‬وتجريدها هذا يؤدي بها إلى عموميتها‪ ،‬أي تطبيقها على كل شخص تنبث له‬ ‫تلك الصفات والشروط املقررة في القاعدة‪.‬‬ ‫‪ -2‬القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية ‪:‬‬ ‫فاإلنسان اجتماعي بطبعه‪ ،‬لهذا فهو ال يعيش بدون جماعة‪ ،‬يقيم معها عالقات‬ ‫ومعامالت مختلفة‪ ،‬وهذه الجماعة ال يمكنها أن تعيش بدون قانون ينظمها ويحدد سلوك‬ ‫أفرادها تجاه بعضهم البعض‪ ،‬القاعدة القانونية ال توجد إال حيث توجد الجماعة أي‬ ‫الاجتماع البشري لتوجه خطابها له‪.‬‬ ‫‪ -3‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك ‪:‬‬ ‫فهذه القاعدة القانونية قاعدة سلوك تأتي متضمنة إباحة فعل من ألافعال‪ ،‬أو آمرة‬ ‫بفعل معين‪ ،‬أو ناهية عن فعل آخر‪ ،‬واردة بصريح النص‪ ،‬فهي تعمل على بيان وتبيين ما‬ ‫يجب أن يكون عليه سلوك ألافراد داخل املجتمع‪.‬‬ ‫‪ -4‬القاعدة القانونية قاعدة ملزمة ‪:‬‬ ‫لقد عرفنا أن القاعدة القانونية قاعدة منظمة لسلوك ألافراد داخل املجتمع‪ ،‬وأي‬ ‫مخافة لهذه القاعدة ستعم الفوض ى في املجتمع‪ ،‬وتفقد هذه القاعدة خصوصيتها‪،‬‬ ‫وللحفاظ على هذه القاعدة عمد املشرع إلى وضع جزاء مادي لكل من يخالف هذه القاعدة‬ ‫القانونية تنفذها فيه السلطة العمومية التي تسهر على تحقيق النظام داخل املجتمع‪ ،‬بما‬ ‫تملكه من قوة القهر وإلاجبار‪.‬‬ ‫وبهذا نكون قد أتينا على تفهيم املصطلحات‪-‬النظرية التي ستمكننا في البحث عن سبل‬ ‫التواصل املصطلحي املوجودة بين هذين العلمين والتخصصين (اللسانيات والقانون) وهل‬ ‫يمكنهما أن يصبحا بفعل التواصل والتفاعل علما واحدا ؟‬ ‫‪137‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫‪ -2‬املصطلحات‪ -‬إلاجراء ‪:‬‬ ‫‪ -1-2‬اللسانيات والقانون ‪) (:‬‬ ‫إن الثورة التي أحدثها دوسوسير في الدراسات إلانسانية‪ ،‬قد تجاوزت إطار‬ ‫اللسانيات‪،‬فنحن نجد اليوم مفاهيمها مثل ‪ :‬النظام‪ ،‬الدال واملدلول‪ ،‬البنية‪ ،‬آلانية‪،‬‬ ‫الاختالف‪ ،...‬قد دخلت مجاالت علمية أخرى‪،‬كالعلوم الاجتماعية والنفسية‪ ،‬وألادبية‪،‬‬ ‫والفلسفية‪ ،‬والقانونية‪ ،‬لتصبح هذه املجاالت أجنحة اللسانيات املعاصرة(‪ )2‬باشتغالها‬ ‫على هذه املفاهيم‪.‬‬ ‫لهذا كانت اللغة أجود ألادوات للفكر‪،‬وأهم الوسائط بالنسبة للروابط إلانسانية‪،‬وبالتالي‬ ‫للظواهر القانونية(‪ ،)3‬وبها نبدأ مقاربتنا املنهجية للقانون‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫* مدرسة الشرح على املتون (‪ )EXEGESE‬واملبادئ اللسانية ‪:‬‬ ‫إذ لم تظهر املعالم واملفاهيم اللسانية في املجال القانوني‪،‬إلى بعد ظهور القانون املدني في‬ ‫فرنسا‪ ،‬وما أحدتثه هذه املدرسة بمقوالتها حول القانون املدني (ما في القانون املدني إال‬ ‫القانون املدني)‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذه املدرسة وجدت قبل ظهور اللسانيات‪،‬غير أنها‬ ‫شاركتها في بعض مقوماتها‪.‬‬ ‫فاملسلمات املنهجية املوجودة في مجال القانون لدى هذه املدرسة‪ ،‬نجدها تتطابق مع‬ ‫املسلمات اللسانية التي جاء بها دي سوسير(‪:)4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪Ksenia Gatuskina, jurilinguistique: du langage spécialisé vers la linguistique de‬‬ ‫‪spécialité, Romanica Cracoviensia, vol 11,pp.146-153, Krakow, 2012.‬‬ ‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫سعيد أحمد بيومي‪ ،‬لغة الحكم القضائي ( دراسة تركيبية داللية)‪ ،‬مكتبة آلاداب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،4001‬ص ‪ 20‬وما‬ ‫بعدها‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪P. Bronkart, Théories du langage, ed. Mardaga, Bruxeelles, 1977, p.p. 84-85.‬‬ ‫ينظر أيضا املقال املتخصص في لغة القانون ونمذجتها ‪:‬‬ ‫‪Jerzy Wrobleski, Les langage juridique : une typologie, Droit et Société 8-1988,p.‬‬ ‫‪15-30.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪-Paul Dubouchet, Sémiotique juridique,ed. Puf, Paris,1990, p.142‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ -‬املرجع نفسه‪،‬ص ‪.12-11‬‬ ‫‪138‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫‪ -1‬الاعتراف بأهمية اللغة املكتوبة للقانون أي (النصوص قبل كل ش يء )‪.‬‬ ‫‪ -4‬رفض الدراسة التطورية للنظم القانونية (‪ ،)diachronique‬مفضلين عليها الدراسة‬ ‫آلانية (‪ ،)synchronique‬لهذه النظم عامة‪ ،‬والقانون املدني خاصة‪.‬‬ ‫‪ -1‬الاعتراف بأهمية الاشتغال على مدونة (منغلقة‪ ،‬ومنتهية‪ ،‬ومكتملة‪ ،‬ومنسجمة)‪.‬‬ ‫وإذا ما أتينا على فهم هذه املسلمات نجد بأن ‪:‬‬ ‫* املسلمة ألاولى ‪:‬‬ ‫وهي دراسة القانون في ذاته ومن أجل ذاته‪ ،‬والتسليم بأوليته‪ ،‬فالنصوص قبل كل ش يء‪،‬‬ ‫لهذا اعتنوا بترتيب وتبويب القانون النابليوني(‪ ،)1‬وعده مدونة مضبوطة ومنغلقة قابلة‬ ‫للتحليل والوصف‪ ،‬فعلى القاض ي أن يحتكم إليه‪ ،‬وأن يتوقف عند نصه‪ ،‬فيه تنشرط‬ ‫تأويالته التي حددت في ثالث إجراءات تأويلية وهي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬إما بارتباطها بنصوص أخرى أي الدائرة في فلكه‪ ،‬بإبقائه على خاصيته املحايثة التي‬ ‫تقدره على أن يدرس في ذاته ومن أجل ذاته‪،‬وهذا ما اتسم به قانون نابليون‪.‬‬ ‫‪ -4‬إما بارتباطه بقصد املشرع‪ ،‬وهو يستعمل في حالتين مختلفتين ‪:‬‬ ‫الحالة ألاولى ‪ :‬ملا يكون النص غامضا غير واضح‪ ،‬فقصد رفع هذا الغموض يلجأ املشرع‬ ‫إلى التأويل النحوي أو الحرفي‪ ،‬وهذا برجوعه إلى الاستعماالت اللغوية‪ ،‬والقواعد التركيبية‬ ‫لفهم ذاتيته وهي من بين منهجيات هذه املدرسة‪.‬‬ ‫الحالة الثانية ‪ :‬ملا يكون فيها النص واضحا‪ ،‬لكنه ال يعبر عن قناعة املشرع‪ ،‬ففي هذه‬ ‫الحالة البد من تجاوز الاستعمال الحرفي للنص‪/‬القانون‪ ،‬للبحث عن روحه‪ ،‬وهذا بالقيام‬ ‫بالتأويل الخارج نص ي (‪ ،)extratextuelle‬مما سيضع مبادئ هذه املدرسة في تناقض‪،‬غير‬ ‫أنها تجد مخرجا لهذا التعارض حيث تحصره في تأويالت ضيقة أي في ألاعمال التحضيرية‬ ‫لهذا القانون‪ -‬إي نصوصه التكوينية ألاولى‪ -‬فهي مبنينة لذاتيته ولنظامه غير خارجة عنه‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.141‬‬ ‫‪139‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫ومنه نفهم أنه ال تعارض بين روح النص‪/‬القانون وحرفيته لدى هذه املدرسة‪،‬ألن روح‬ ‫القانون هي املوجه واملرشد إلرادة املشرع السان لحرفية هذا القانون(‪)1‬كما حققه فقهاء‬ ‫القانون‪.‬‬ ‫*املسلمة الثانية ‪:‬‬ ‫وهي مرتبطة ومتعالقة مع املسلمة ألاولى‪،‬كونها ترى بأن ما في القانون إال القانون نفسه‪.‬‬ ‫وهذا برفضها للدراسة التطورية والتاريخية للقانون‪ ،‬واستبدالها بالدراسة آلانية‬ ‫الواصفة للبنى القانونية‪ ،‬داعية إلى القطيعة مع املنهج التاريخي ملقارنة الظاهرة‬ ‫القانونية(‪ ،)2‬الذي كان يفسر النظم القانونية الحاضرة على ضوء النظم القانونية‬ ‫املاضية‪،‬باسترجاعه للقانون القديم والقانون الروماني‪ ،‬وهذا ما أعلنه صراحة الفقيه "‬ ‫تولي " في كتابه ( النظرية املعقلنة للقانون املدني ) متبعا في ذلك مدرسة الشرح على‬ ‫املتون(‪.)3‬‬ ‫فقد أصبحت املقاربات املنهجية للقانون‪ ،‬تعتمد أساسا على الدراسة آلانية‪ ،‬أي دراسة‬ ‫املدونة القانونية في ذاتها‪ ،‬وفي لحظة معينة‪ ،‬وبشكل قار وثابت‪ ،‬وهذا ما يعرف في درس‬ ‫القانوني آلان باملقاربة آلانية للظاهرة القانونية‪.‬‬ ‫* املسلمة الثالثة ‪:‬‬ ‫وهي كذلك تعالق سابقتيها‪ ،‬بطرحها للقانون املدني كمدونة منغلقة وقابلة للوصف‬ ‫والتحليل آلاني والوظيفي‪،‬كنظام مكتف بذاته ومتسم بالتقابل‪ ،‬لهذا احتكم هذا القانون‬ ‫ملبادئ أساسية تشرط اشتغاله (‪:)4‬‬ ‫‪ -1‬القانون املدني كمجموع مغلق ‪) Ensemble fermé( :‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.141‬‬‫‪2‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.111‬‬‫‪3‬‬ ‫ نفسه‪ ،‬ص‪.114-111‬‬‫‪4‬‬ ‫‪ -‬نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫وهذا املبدأ هو الذي سيحقق املبدأين الالحقين ( الاكتمال والانسجام )‪ ،‬فالقانون هو‬ ‫مدونة منغلقة ومنتهية ذاتيا‪ ،‬لذا كان على القاض ي أال يصمت أمام نصية النص وإال عد‬ ‫منكرا له كما أوردته املادة الرابعة من قانون نابوليون‪ .‬فالقانون املدني بحسب مدرسة‬ ‫الشرح على املتون‪،‬البد من درسه في انغالقه الكتابي والطباعي‪ ،‬بعدد صفحاته‪،‬وترتيب‬ ‫مباحثه ومقاالته‪،‬لهذا يرى " بونيكاس ‪ " Bonnecase‬بأنه على املدرس للقانون املدني( ‪Droit‬‬ ‫‪ ،)civil‬إلى مدرسين للتقنين املدني(‪ ،)1()Code civil‬وهذا قصد تحقيق محايثة القانون‬ ‫كمدونة منغلقة ومنتهية‪.‬‬ ‫‪ -2‬القانون املدني كمجموع مكتمل ‪) Ensemble complet ( :‬‬ ‫وهذا املبدأ هو أشد ارتباطا بسابقه‪،‬فقولنا بأن القانون‪/‬التقنين املدني مجموع منتهي‬ ‫ومغلق‪ ،‬فهو من جهة أخرى مجموع مكتمل(‪ )2‬في ذاته ومن أجل ذاته‪،‬الحتوائه على الحلول‬ ‫لكل العقبات التي يمكنها أن تقف في وجه القاض ي حال سكوت النص و‪/‬أو غموضه‪.‬‬ ‫‪ -3‬القانون املدني كمجموع منسجم ‪) Ensemble Cohérent ( :‬‬ ‫ونجد أن هذا إلاجراء شديد التعلق والتضايف مع املبدأين السابقين‪،‬فكون‬ ‫التقنين‪/‬القانون املدني مكتمل‪،‬فمن باب أولى أن يكون منسجما ال تعارض فيه‪،‬متماسك‬ ‫البنيات‪،‬ومنسجم النظام‪.‬‬ ‫و لفهم هذا الانسجام القانوني‪،‬وجب علينا إتباع النص والنص وحده‪ ،‬فالقاض ي الجيد‬ ‫هو من يعرف كيف يقرأ في النص جميع مبادئه‪،‬ألن النص يمكن أن يتضمنه نص آخر‪،‬كما‬ ‫أن التقنين هو تضمين ملجموعة مواد منسجمة داخل النظام القانوني(‪ ،)3‬لهذا حددنا‬ ‫القانون كنظام من العالمات‪/‬البنيات (املواد) القانونية املنتهية واملكتملة واملنسجمة‪،‬‬ ‫الداخلة في عالقة فيما بينها‪ ،‬املرسلة من طرف املشرع السان لهذا النظام القانوني‬ ‫‪1‬‬ ‫ نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬‫‪2‬‬ ‫ نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬‫‪3‬‬ ‫‪ -‬نفسه‪ ،‬ص ‪.110‬‬ ‫‪141‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫(الرسالة‪/‬التقنين)‪ ،‬املطبقة من طرف القاض ي الحامي لهذا القانون املنفذ له‪ ،‬املتلقى‬ ‫من طرف املرسل إليهم‪،‬وهم املخاطبين به (الشعب) والخاضعين ملقتضياته النصية‬ ‫ومواده التشريعية‪ ،‬والتي ال يعذرالجاهل لجهله بنصية النص القانوني املخاطب به‪.‬‬ ‫‪ – 2-2‬اللسانيات القانونية ‪:‬‬ ‫‪ّ -1-2‬‬ ‫حدها وحدودها ‪:‬‬ ‫وهي تلك الفتوحات العلمية والتحليلية التي قدمتها للسانيات للدرس القانوني عامة‬ ‫والنص‪/‬الخطاب القانوني على وجه الخصوص(‪ ،)1‬بحيث أصبحت اللسانيات كمصطلح‪-‬‬ ‫منهج بالنسبة للقانون الذي أصبح هو آلاخر بالنسبة إليها كمصطلح‪-‬موضوع تقاربه‬ ‫بجهازها املفاهيمي وبقوائمها املصطلحية‪ ،‬ومراعية خصوصيته كونه لغة تخصصية‬ ‫تختلف حقولها املعجمية والداللية عن اللغة الطبيعية(‪ .)2‬لهذا يمكننا تعريف اللسانيات‬ ‫القانونية بأنها تلك الدراسة العلمية واملنهجية للغة القانونية‪ ،‬باعتبارها نظام من‬ ‫الوحدات‪/‬املواد القانونية الداخلة في عالقة فيما بينها القابلة للوصف بالتحليل ثم‬ ‫التركيب‪...‬‬ ‫و هذه اللسانيات القانونية لن تخرج عن املواضعات اللسانية العامة من حيث‬ ‫موضوعها الذي أصبح اللغة القانونية ومستوياتها اللسانية التي أصبحت أكثر تخصصا‬ ‫والتي سنأتي على بعضها‪ ،‬منها املستوى التركيبي‪ ،‬واملستوى الداللي‪ ،‬واملستوى التداولي وهذا‬ ‫ألاخير يحتاج لبحث خاص به ألنه عصب اللسانيات القانونية‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ عبد الحق بلعابد‪ ،‬السيميائيات القانونية‪ ،‬مجلة سيميائيات‪،‬ع‪ ،01‬خريف ‪ ،4002‬الصادرة عن مختبر السيميائيات وتحليل‬‫الخطاب‪ ،‬جامعة وهران‪،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.21-41‬‬ ‫ وينظر ‪:‬‬‫‪Jean Claude Gémar, Langage du droit et traduction, ed. Linguatech, Paris, 1982.‬‬ ‫ وينظر أيضا بحثنا ‪:‬‬‫ترجمة النص القانوني بين كفاءات املترجم وإكراهات املصطلح‪ ،‬مجلة املترجم‪،‬ع‪ ،11‬يناير جوان ‪ ،4001‬الصادرة عن مختبر‬ ‫تعليمية الترجمة وتعدد ألالسن‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.102-21‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ -‬املرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪142‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫‪ -2-2‬مستويات اللسانيات القانونية ‪:‬‬ ‫‪ -1-2‬املستوى التركيبي للقانون‪( :‬التركيبيات القانونية)‬ ‫وأشهر من اشتغل عليها الفقيه " فرنسوا جين " الذي أفرد الجزء الثالث من كتابه (العلم‬ ‫والتقنية في القانون الخاص املوضوعي) مبحثا عن لغة القانون‪ ،‬عنونه باللغة (الكلمات‬ ‫والجمل) كأداة للتقنية القانونية(‪ .)1‬كما يرجع له الفضل في هذا الكتاب‪،‬إلشارته لبعض‬ ‫أعالم اللسانيات الحديثة سنة‪ ،1141‬والتاريخ يعد مهما لقرب العهد باللسانيين املؤسسين‬ ‫(دوسوسور‪ ،‬أنطوان مييه‪ ،‬ألبارت سيشهاي) وهذه إلاشارة ال نجدها في كتابات اللسانيين‬ ‫أنفسهم حتى حدود سنة‪.1111‬‬ ‫فإن كان "فرونسوا جين" جاهال في ذلك الوقت باملفاهيم اللسانية‪ ،‬إال أنه رأى في اللغة‬ ‫كأداة للفكر بجدارة‪،‬كونها الوسيط ألاساس ي والضروري لكل الروابط إلانسانية ومن ثم‬ ‫الظواهر القانونية(‪ ،)2‬فال بد من أن نبدأ بها كل مقارباتنا املنهجية للقانون‪ ،‬وبهذا يكون "‬ ‫جين " قد فتح بابا مهما لدراسة لغة القانون‪ ،‬بالبحث في نظامها وانتظامها‪.‬‬ ‫و قد طور هذه املباحث القانونية في مطلع القرن املاض ي‪،‬الفقيه واملنطقي "جون راي" في‬ ‫كتابه امللفت لالنتباه (محاولة في البنية املنطقية للقانون املدني الفرنس ي سنة ‪.)1141‬‬ ‫والذي اعتبره "شارل سروس ‪ "Charles Serrus‬كأهم مرجع في (سيميولوجيا القانون)‪،‬‬ ‫وكأول عمل مكتوب حول (السيميائيات القانونية) في فرنسا‪ ،‬فعنوان كتابه يحمل جدة‬ ‫ذلك العصر وهي الطروحات اللسانية التي جاء بها دوسوسور‪ ،‬والتي أتت بأكلها في العلوم‬ ‫إلانسانية‪ ،‬علما أن "راي" كان معاصرا ألحد أقطاب اللسانيات وهو" توروباتسكوي" على ما‬ ‫ذكره ج‪.‬مومان"(‪ ،)3‬غير أن تحديده (ملفهوم النظام)‪،‬لم يأتيه من طريق اللسانيين‪ ،‬ولكن‬ ‫‪-Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, ed. Puf, Paris, 1990, p. 141.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫‪Claude Tousignant, Linguistique en cour de justice, Université du Québec, 1990.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪-Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, p.142.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪-‬‬ ‫املرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫من طريق املناطقة والفالسفة الذين ذكرهم في كتابه أمثال (كوردي‪ ،‬هامالن‪ ،‬قوبلو‪،‬‬ ‫لوكي‪ )..‬ليعمل جاهدا على التحديد الدقيق ملفهوم النظام‪ ،‬منطلقا في ذلك من تحليالته‬ ‫للقانون املدني‪ ،‬فأول ما ّ‬ ‫صدر به كتابه هو هذا التحديد ‪ " :‬يعد القانون هو الباني‬ ‫للنظام‪،‬من حيث هو مجموع يتضمن في ذاته مجموعات أخرى الحقة به مترابطة فيما‬ ‫بينها‪ ، )1("...‬وهذا ما تعرف به اللغة عند اللسانيين‪،‬كونها نظام عالئقي‪ ،‬أو فلنقل أنها نظام‬ ‫النظم‪ .‬ليستمر في تدقيق مفهوم النظام قائال‪ " :‬بأن الذي يمثل القانون املدني ككل نظام‬ ‫قانوني‪ ،‬هو تمفصله إلى مجموع من املصطلحات‪ ،‬ومجموع من املقوالت‪ ، )2("...‬بحيث‬ ‫يجعل من كل نظام‪ ،‬أوكل لغة تنشرط في تحديدها بهذين املجموعتين ‪:‬‬ ‫‪ -1‬مجموعة من املصطلحات املذكورة من ألالفاظ واملعجم‪ ،‬واملتعلقة أساسا‬ ‫بالدالليات‪.‬‬ ‫‪ -4‬مجموعة من العالقات والقواعد‪ ،‬أي ما تعرف باملقوالت املوكولة باملصطلحات‪ ،‬والتي‬ ‫تشكل التركيبيات‪.‬‬ ‫و عند تحديده ملفهوم النظام‪ ،‬عمل على إبراز أهمية التركيبيات املكونة لهذا املجموع‬ ‫من املقوالت‪ ،‬وهول م يخرجها عن تعريفها العام الذي درجت عليه في النحو التقليدي أو‬ ‫اللسانيات الحديثة‪ ،‬من أن التركيبيات قسيم من نحو‪ ،‬تبحث في توليف الكلمات داخل‬ ‫الجمل‪،‬وعالقتها الناظمة لها في أي خطاب(‪ ،)3‬والتي تمثل العمل ألاساس ي للنظام القانوني‪،‬‬ ‫ألنها تتراسل مع كل من مجموعة ألافكار‪ ،‬والخطاطة التي ال تنفصم عن تلك‬ ‫املصطلحات(‪ ،)4‬فوحدها من تسمح لنا في لحظة معينة ومخصوصة من أن نفكر قانونيا في‬ ‫الواقع‪.‬‬ ‫ففي بحثه في السيميائيات القانونية‪ ،‬نلحظ أنه يعالق بين الدالليات (كمجموعة من‬ ‫املصطلحات)‪ ،‬والتركيبيات (كمجموعة من املقوالت)‪ ،‬غير أن كتابه مكرس في جملته‬ ‫‪1‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, P.142.‬‬ ‫املرجع نفسه‪.121 ،‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪Joseph Ghazi,pour comprendre la linguistique, ed.p Puma, Paris, 1985,pp.151-154.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, ed. Puf, Paris,1990, p.143‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪144‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫للتركيبيات‪ ،‬ملا تتسم من تعقيد وصعوبة بحثية‪ ،‬دون إهماله للدالليات كمبحث مهم في‬ ‫دراسة لغة القانون‪ .‬كما بحث في لغة القانون عن مصطلحين لسانيين مركزيين هما‬ ‫التعيين (‪ ،)dénotation‬وإلايحاء (‪ ،)connotation‬وهو بصدد التفرقة بين اللغة القانونية‬ ‫واللغة العادية(‪ ،)1‬فاللغة القانونية تتميز بكونها تستبعد كل ما هو إيحائي‪ ،‬باعتمادها على‬ ‫املتعين الظاهر ألنها لغة حكم وتشريع‪ .‬ليتعدى هذا إلى مباحث أخرى‪،‬كبحثه عن العالقة‬ ‫الجدلية بين اللغة القانونية والواقع‪،‬بالكشف عن وظائفها وتوظيفاتها التداولية‬ ‫والتواصلية‪،‬ليضيف شيئا لم نجده في السيميائيات العامة‪ ،‬وهو ربط هذه اللغة القانونية‬ ‫باملؤسسة املنشأة لها(‪)2‬والتي تحيا فيها بها‪ .‬فاللغة القانونية‪ ،‬وإن كانت مجموعة من‬ ‫املقوالت (التركيبيات)‪ ،‬ومجموعة من املصطلحات (الدالليات)‪ ،‬فهي كذلك مجموعة‬ ‫ممأسسة (‪ ،)Ensemble D Institutions‬وهذه ميزة تضاف إلى القانون املدني خاصة‪،‬‬ ‫والسيميائيات القانونية عامة‪ .‬فكل هذه ألافكار التي جاء بها (جون راي) للغة القانونية‬ ‫والسيميائيات القانونية سيعمل على تطويرها في سنوات الخمسينات من القرن املاض ي‬ ‫فقيه آخر مركزا على مفصل آخر من مفاصل السميائيات القانونية‪ ،‬وهي الدالليات‬ ‫القانونية‪.‬‬ ‫‪ -2-2‬املستوى الداللي للقانون ‪( :‬الدالليات القانونية) ‪)3(:‬‬ ‫إضافة إلى جهود كل من " فرونسوا جيني‪ ،‬وجون راي "وما قدماه للسيميائيات القاونونية‪،‬‬ ‫ببحثهما عن البنيات التركيبية للغة القانون‪ ،‬أصبح من املشروع آلان طرح نفس السؤال‬ ‫على الدالليات القانونية‪ ،‬فهل بإمكاننا إيجاد دالليات بنيوية للقانون ؟ وهل بإمكاننا‬ ‫البحث عن الوحدات ‪/‬البنيات الداللية الصغرى للقانون ؟(‪)4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.122-122‬‬‫‪2‬‬ ‫ املرجع السابق‪،‬ص ‪.121‬‬‫‪3‬‬ ‫‪ -‬سعيد أحمد بيومي‪ ،‬لغة الحكم القضائي ( دراسة تركيبية داللية)‪ ،‬مكتبة آلاداب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪ ،4001‬ص ‪ 111‬وما‬ ‫بعدها‪.‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, p.73-74.‬‬ ‫‪145‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫و نفهم من مقاربتنا السابقة للدالليات القانونية‪ ،‬أنه من الشرعي البحث عن دالليات‬ ‫بنيوية للقانون‪ ،‬مثل باقي العلوم ألاخرى التي أصبحت لها وحدات دالة‪،‬يبحث فيها عن‬ ‫معانيها الخاصة‪ ،‬فكذلك القانون ولغة القانون تحديدا‪،‬والتي لها بنياتها ومصطلحاتها‬ ‫الداللية الخاصة‪ ،‬وحقولها الدالة عليها‪ ،‬متكئة في ذلك على الدالليات العامة‪،‬من حيث‬ ‫عنايتها بدراسة املدلوالت وهي داخلة في عالقة فيما بينها‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ومحددة لحقولها ومجاالتها‪،‬كاشفة عن مستوى مضمونها اللساني( )‪ ،‬لينسحب التعريف‬ ‫ّ‬ ‫على املجال الداللي للقانون‬ ‫املبنين في ذاته بتعدد حقوله الداللية‪،‬كونه تنظيم علمي‬ ‫محكمة خصائصه البنيوية املذكورة (منتهي‪ ،‬مغلق‪ ،‬مكتمل‪ ،‬منسجم)‪.‬‬ ‫و من بين أشهر من اشتغل على الدالليات القانونية‪ ،‬وتحديدا املنجزة على القانون‬ ‫الروماني الفقيه إلايطالي " ‪ ،" A.Carcatera consignés‬في العديد من كتبه التي كرسها‬ ‫للبحث عن لغة القانون الروماني‪ ،‬وبخاصة عن داللياته‪ .‬وقد قدم الفقيه "يان توماس "‬ ‫شرحا مطوال ملقال "كاركاتيرا كونويني" حول (لغة القانون الروماني‪ ،‬القضايا واملناهج)(‪، )2‬‬ ‫والذي سنسترشد به لفهمنا للدالليات القانونية عند "كونزيني" حيث استفاد فيه هذا‬ ‫ألاخير من املناهج اللسانية الحديثة‪ ،‬بكشفه عن الخطورة الالحقة بالدرس القانوني‪ ،‬من‬ ‫جراء البحث فقط في تحقيباته التاريخية‪ ،‬ودرسنا لحاضره بعيون ماضيه‪،‬وبتحدثنا عن‬ ‫لغته ألام الخاصة واملخلصة أهي الالتينية أو العبرية ؟ فأراد "كونزيني" بهذا الطرح أن‬ ‫يتخلص قليال من ثقل الخطاب التاريخي الذي لحق لزمن طويل بالخطاب القانوني‪،‬‬ ‫باعتماده على ما جاء به دوسوسور في لسانياته الوصفية‪ ،‬وكذلك الطروحات الرائدة‬ ‫للفقيه "ميشال فيلي" في مقارباته اللسانية للدرس القانوني‪ ،‬ويظهر هذا جليا في تركيزه على‬ ‫الدراسة آلانية للقانون بدل الدراسة التطورية‪ ،‬قصد توصيف لغة القانون الروماني‬ ‫خصوصا‪ ،‬وفهم مجمل املصطلحات القانونية مثل ( القانون العام‪،‬القانون الخاص‪،‬‬ ‫إلارادة‪ ،‬ألاهلية‪ ،‬الصفة‪ ،‬امللكية‪.)...‬‬ ‫‪George Mounin, Clefs pour la sémantique, Ed.Seghers, Paris,1975, p.8-11.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ينظر ايضا ‪:‬‬ ‫‪Christian Baylon, Paul Fabre, la sémantique, ed. Nathan, Paris, 1978, p.p.10-11.‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, ed. Puf, Paris, 1990, p.74.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪146‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫فلغة القانون عند "كونزيني" هي لغة تخصصية قائمة على سجالت مصطلحية خاصة بها‪،‬‬ ‫تحدد من خاللها تجاربها ونظرتها لألشياء والعالم(‪ ،)1‬فهي تعتمد على مبادئ قاعدية‬ ‫لتحديد مدلوالت كلماتها املفتاحية‪ ،‬والتي على أساسها يفهم النص ويحكم به‪ ،‬لتضبط‬ ‫بذلك حقولها املفهومية (‪ ) champs notionnels‬بتعبير املعجميين‪ ،‬وتبني مبادئ تصنيفاتها‬ ‫القانونية في مجموع بنيات ّ‬ ‫محددة للترتيب القانوني‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫كما إعتمد "كونزيني" على املحورين الشهيرين لدوسوسور‪ ،‬ليحقق داللياته القانونية وهما‬ ‫املحور الاستبدالي(‪ ،)axe syntagmatique‬واملحور إلاستبدالي(‪.)2( (axe paradigmatique‬‬ ‫فاملحور النظمي(القانوني) هو الذي تنتظم فيه الوحدات أو البنيات اللسانية‬ ‫القانونية مع بعضها البعض في سلسلة الكالم‪،‬وهذه الروابط النظمية القانونية تكون‬ ‫بتعبير "كونزيني"حاضرة للعيان (‪ .)in praesentia‬أما املحور إلاستبدالي (القانوني) فهو‬ ‫الذي يمكننا من استبدال وحدة أو بنية قانونية ببنية قانونية تكافئها على أي مستوى من‬ ‫مستويات سلسلة الكالم‪ ،‬وهذه الروابط الاستبدالية القانونية بتعبير "كونزيني" غائبة‬ ‫عنا (‪ )in absentia‬فنقوم باستحضارها‪.‬‬ ‫إلى جانب هذه املباحث الداللية القانونية‪،‬لم يهمل الفكرة ألاساسية التي قامت عليها‬ ‫اللسانيات السوسورية وهي (مفهوم النظام)‪ ،‬فالعالمة اللسانية القانونية ليست ذات‬ ‫معنى أو داللة إال داخل نظام معين(‪ ،)3‬ولهذا استطاع أن يض يء بعض املبادئ البنيوية‬ ‫للنظام القانوني خاصة‪ ،‬بدراسته للحقول الداللية للمصطلحات القانونية‪ ،‬أين تنتظم‬ ‫الوحدات الدالة (املونيمات‪،)monème/‬أو بأكثر دقة الوحدات املعجمية‬ ‫(املعانم‪ ،)lexèmes/‬بأخذه ألمثلة لهذه الحقول (الشخص‪ ،‬الش يء‪ ،‬الواجب‪ ،‬السيادة‪،)...‬‬ ‫وهي من أهم ما تدرسه النظرية العامة للقانون‪ ،‬وبهذا يكون "كاركتيرا كونزيني" قد قدم‬ ‫‪1‬‬ ‫ املرجع نفسه‪،‬ص‪12‬‬‫‪F. De Saussure, Cours de Linguistique Générale, ed. ENAG, pp.115-175.‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, pp.75-76.‬‬ ‫‪147‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫فتوحات معرفية للدرس القانوني عامة‪ ،‬واللسانيات القانونية‪،‬وما ستعرفه من تطور فيما‬ ‫يعرف بالسيميائيات القانونية بعد ذلك‪.‬‬ ‫‪ -3-2‬املستوى التداولي للقانون ( التداوليات القانونية ) ‪:‬‬ ‫و هو املستوى الثالث من السميائيات القانونية عامة‪ ،‬واللسانيات القانونية على وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬غير أننا بالرجوع إلى املصطلح ومحموالته املفاهيمية‪ ،‬سنجده ما يزال الجدل‬ ‫قائما حول مصطلح ‪ ،pragmatique‬هل هو علم أو منهج‪ ،‬أو فلسفة ؟‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫الغموض املفاهيمي الذي يلتبس ضبط املصطلح‪ ،‬ويرجع هذا أساسا أن التداوليات درس‬ ‫جديد وغزير في آن‪ ،‬ال يمتلك حدودا واضحة‪ ،‬فهو يقع كأكثر الدروس حيوية في مفترق‬ ‫طرق ألابحاث الفلسفية واللسانية(‪ .)1‬فأقدم تعريف لها هو ما جاء به ( مويس) بأنها ‪ ":‬علم‬ ‫الروابط العالمات بمؤوليها"(‪ ،)2‬أي دراسة عالقة العالمات بمستعمليها‪ ،‬أما أحدث هو ما‬ ‫قدمه (موشلر) وزوجه في القاموس املوسوعي للتداوليات‪ ،‬بأنها ‪ " :‬دراسة الاستعمال‬ ‫اللغوي‪ ،‬املقابلة لدراسة النظام اللساني‪ ،‬الذي يعد من اهتمامات اللسانيات بصفة‬ ‫خاصة"(‪ ،)3‬كما عرفها وحققها (طه عبد الرحمن) بقوله ‪ " :‬هي الدراسات التي تخص‬ ‫بوصف العالقات التي تجمع بين (الدوال) الطبيعية‪ ،‬و ( مدلوالتها)‪ ،‬وبين (الدالين) بها "(‪.)4‬‬ ‫و قد انسحبت هذه التعريفات على التداوليات املستغلة باملجال القانوني على الرغم من‬ ‫صعوبة مسالكها البحثية‪ ،‬إال أن املفكر البلجيكي وألاستاذ بجامعة بروكسل (شايم بيرملان‪،‬‬ ‫‪ )1122-1114‬أحد فالسفة القانون والقضاء قد تصدى لها‪ ،‬بسعيه إلحياء البالغة‬ ‫القديمة بقراءة جديدة‪ ،‬قائمة على أهم مبحث تداولي وهو ( الحجاج)‪ ،‬إال أننا لن نحوط‬ ‫بجام فكره‪ ،‬وهذا التساعه وتشعبه‪ ،‬فحتى املختصين في فرنسا‪ ،‬لم يسهل عليهم أسلوبه‬ ‫‪1‬‬ ‫ فرونسوا أرمينقو‪ /‬املقاربة التداولية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬سعيد علوش‪ ،‬مركز إلانماء العربي‪ ،‬سنة ‪ ،1121‬دمشق‪ ،‬ص ‪.01‬‬‫‪2‬‬ ‫‪-Umberto Eco, Les limites de l'interpretation, ed.Grasset, Paris, 1995, p. 288.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪Jacques Moschler et Anne Reboul, Dictionnaire encyclopédique de la pragmatique,‬‬ ‫‪Paris, ed. Du Seuil, 1994, p. 17.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ طه عبد الرحمن‪ ،‬في أصول الحوار وتجديد علم الكالم‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،4000‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص‬‫‪.42‬‬ ‫‪148‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫لصعوبته املعرفية‪ ،‬ولعدم نهجه الخطاب التعليمي في طرحه لعديد القضايا‪ ،‬لهذا لم‬ ‫نحص جمهورا كبيرا يتلقى فكره في فرنسا على ما أشار إليه (بالنتان)(‪)1‬‬ ‫‪. 1‬الحجاج والبالغة الجديدة عند شايم بيرملان ‪:‬‬ ‫إن من أهم كتب الحجاج في القرن العشرين املاض ي‪ ،‬هو كتاب بيرملان وتيتكا‪ ،‬الذي يعد‬ ‫عصارة جهودات علمية طويلة في هذا املجال‪ ،‬والذي سمياه ( مصنف في الحجاج‪ ،‬البالغة‬ ‫الجديدة)(‪ ، )2‬ولقد وضعا له غاية أساسية‪ ،‬وهي إخراج الحجاج من سيطرة البالغة‬ ‫والجدل‪ ،‬الذي ظل لفترات طويلة مرادفا للمنطق نفسه‪ ،‬وإن كان سليلهما (‪ .)3‬و بهذا يصبح‬ ‫الحجاج مرتبطا في تعريفه بالجدل والخطابة‪ ،‬ورديفا للمنطق‪ ،‬بل سيصبح مرادفا‬ ‫للمعقولية والحرية‪ ،‬وهذا حوار من أجل حصول وفاق بين ألاطراف املتحاورة‪ ،‬وكذلك من‬ ‫أجل التسليم برأي آخر بعيدا عن الاعتباطية والالمعقول اللذان يطبعان الخطابة عادة‪،‬‬ ‫وبعيدا أيضا عن الالتزام والاضطرار اللذين يطبعان الجدل(‪ ،)4‬ومعنى هذا كله أن تظهر‬ ‫حرية املستمع على مسافة من الزخرف اللفظي الذي يحمله على التسليم وإلاذعان‪.‬‬ ‫و على هذا تأسس مفهوم الحجاج عند بيرملان وتيتكا‪ ،‬فهو " درس تقنيات الخطاب التي‬ ‫من شأنها أن تؤدي باألذهان إلى التسليم بما يعرض عليها من أطروحات‪ ،‬أو أن تزيد في‬ ‫درجة ذلك التسليم"(‪ ،)5‬لتحدد غايته بـ" أن يجعل العقول تذعن ملا يطرح عليها أو يزيد في‬ ‫‪Christain Plantin, Essais sur l'argumentation, Ed. Kime, 1990, pp.9-44‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫ فيليب بروتون‪ ،‬جيل جوتييه‪ ،‬تاريخ نظريات الحجاج‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دمحم صالح ناحي الغامدي‪ ،‬مركز النشر العلمي‪ ،‬جامعة امللك‬‫عبد العزيز‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪1214‬هـ‪ ,4011 ،‬ص ‪.21 -21‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪l'argumentation: La nouvelle rhétorique, préface de Michel Meyer, ed. De‬‬ ‫‪l'Universite de Bruxelles, 1992.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.01‬‬‫‪4‬‬ ‫ عبد هللا صولة‪ ،‬في نظرية الحجاج ( دراسات وتطبيقات)‪ ،‬مسكيلياني للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،4011‬تونس‪ ،‬ص ‪.14‬‬‫‪5‬‬ ‫‪Chaïm Perelman et Lucie-Olbrechts-Tytica, Traité de l'argumentation- La nouvelle‬‬ ‫‪Rhétorique, p.05.‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪149‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫درجة ذلك إلاذعان‪ .‬فأنجع الحجاج ما وفق في جعل حدة إلاذعان تقوى درجتها لدى‬ ‫السامعين بشكل يبعثهم على العمل املطلوب (إنجازه أو إلامساك عنه)‪ ،‬أو هو ما وفق على‬ ‫ألاقل في جعل السامعين مهيئين لذلك العمل في اللحظة املناسبة"(‪.)1‬‬ ‫و بعد تعريفهما للحجاج وغايته وعقده على املعقولية والحرية‪ ،‬انتقل الباحثان‪ ،‬للتفريق‬ ‫بين الحجاج والاستدالل‪ ،‬فوجدا أن الاستدالل ذو عناصر أحادية املعنى‪ ،‬ولهذا سهل فهمه‬ ‫لدى العامة دون اختالف ّبين‪ ،‬ألنه ال يوجه ضرورة ملقام مخصوص‪ ،‬كما أن نتائجه محددة‬ ‫في مقدماته‪ ،‬وال تطرح أي إشكال‪ .‬و هذا عكس الحجاج الذي ي ّ‬ ‫تميز بالتعدد والاختالف في‬ ‫املعنى والارتباط بمقام مخصوص‪ ،‬كما أن الحقيقة في الحجاج نسبية وذاتية أيضا‪ ،‬يعني‬ ‫أن كل متلق له الحرية في فهم تلك الحقيقة وتأويلها(‪ .)2‬معتمدة أساسا على العقل ألن‬ ‫مبادئ الحجاج تقوم عند الباحثين على " حرية الاختيار على أساس عقلي"(‪ .)3‬لينقسم‬ ‫الحجاج عندهما قسمين ‪ :‬إقناعي واقتناعي‪ ،‬إذ يتوجه إلاقناع إلى متلق مخصوص‪ ،‬يعتمد‬ ‫على مكوني العاطفة والخيال‪ ،‬أما القسم الثاني وهو الاقتناع‪ ،‬فهو يرمي إلى أن يسلم به كل‬ ‫ذي عقل‪ ،‬لكونه عام يعتمد أساسا على العقل(‪ ،)4‬ليجعال من هذا الاقتناع الذي يتوسط‬ ‫كال من الاستدالل وإلاقناع أساس الحجاج وغايته‪ ،‬فالحجاج " غير امللزم وغير الاعتباطي‬ ‫هو وحده من يحقق الحرية إلانسانية من حيث هي ممارسة الختيار عاقل‪ .‬فأن تكون‬ ‫الحرية تسليما اضطراريا بنظام طبيعي معطى سلفا معناه انعدام كل إمكان لالختيار‪.‬فإذا‬ ‫لم تكن ممارسة الحرية منبنية على العقل‪ ،‬فإن كل اختيار يكون ضربا من الخور ويستحيل‬ ‫إلى حكم يسبح في فراغ فكري"(‪ ،)5‬فلما كان الحجاج الاقتناعي معقودا على الحرية‬ ‫واملعقولية ‪ ،‬فقد جعال منه موضوعا علميا وغاية بحثية‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.21‬‬‫‪2‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.111‬‬‫‪3‬‬ ‫ نفسه‪ ،‬ص ‪.124‬‬‫‪4‬‬ ‫ نفسه‪ ،‬ص ‪.11‬‬‫‪de‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪l'argumentation- La nouvelle rhétorique, p.682.‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫منطلقات الحجاج عند بيرملان ومقدماته ‪:‬‬ ‫‪-1-3‬‬ ‫لقد بنى بيرملان حجاجه على مقدمات‪ ،‬تمكن املحاجج من حمل جمهوره على الاقتناع‬ ‫بخطابه‪ ،‬فلهذا جعلها منطلقات أساسية للحجاج‪ ،‬والتي تتكون من ‪ :‬الوقائع‪،‬‬ ‫الحقائق‪ ،‬الافتراضات‪ ،‬القيم‪ ،‬املدارج‪ ،‬املواقع أو املواضع‪.‬‬ ‫الوقائع ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫وقد حددها في " ذلك املشترك بين العديد من ألاشخاص‪ ،‬أو بين الناس جميعا "(‪،)1‬‬ ‫فهي جملة من الوقائع املحيطة باملتكلم‪ ،‬يستدل بها على موضوع ما‪ ،‬ليست قابلة‬ ‫للشك وال للدفع‪ ،‬وهذا ملوثوقيتها‪ ،‬مما جعلها أولى منطلقات الحجاج‪ ،‬وقد جمعت إليها‬ ‫وقائع مشاهدة ووقائع مفترضة على الجمهور التسليم بهما لواقعيتهما‪ ،‬وهذا التسليم‬ ‫بمثابة تجاوب مع هذا الواقع(‪ ،)2‬غير أننا نجد الوقائع املشاهدة أكثر تأثيرا في النفوس‬ ‫لشدة مالزمتها لذهن املستمع‪.‬‬ ‫الحقائق ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫وهي التي يربط فيها الخطيب الحقائق بالوقائع‪ ،‬من أجل معالجة قوية يسلم بها‬ ‫الجمهور ويوافقه عليها‪ ،‬لهذا جاءت الحقائق كـ " أنظمة أكثر تعقيدا من الوقائع‪ ،‬إذ‬ ‫تقوم على نظريات علمية أو مفاهيم فلسفية أو دينية مفارقة للتجربة "(‪ ،)3‬وهنا تفرق‬ ‫الوقائع عن الحقائق‪ ،‬فإذا كانت الوقائع ذات طابع عام يكثر انتشارها بين الناس‪ ،‬فإن‬ ‫الحقائق ذات طابع خاص‪ ،‬فالقلة من يملك دراية باملفاهيم الفلسفية واملباحث‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ نفسه‪.14 -10 ،‬‬‫‪3‬‬ ‫‪ -‬نفسه‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪151‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫الافتراضات ‪:‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫وهي من املنطلقات الحجاجية املهمة‪ ،‬فهي شأنها شأن الوقائع والحقائق‪ ،‬ملا لها من‬ ‫قابلية عند املستمعين‪ ،‬فهي تحظى باملوافقة العامة‪ ،‬لكن الاذعان لها والتسليم بها ال‬ ‫يكونان قويين حتى تأتي في مسار الحجاج عناصر أخرى تقويها(‪ ،)1‬فهذه الافتراضات‬ ‫يكمن ضعفها في حتمالها للصدق أو الكذب‪ ،‬فهي غير ثابة ّ‬ ‫لتميزها بالتغيير بحسب‬ ‫السياق واملقام واملتكلمين واملستمعين‪ ،‬لهذا قيست بالنسبة للعادي واملحتمل‬ ‫املتغيران على الدوام‪.‬‬ ‫القيم ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫إن مدارج الحجاج وأنواعه تقوم على القيم‪ ،‬وإن افتقرت هذه ألاخيرة لالستدالالت‬ ‫ذات البعد العلمي والعلوم الشكلية‪ ،‬غير أن أبرز مجاالتها هي ‪ :‬القانون والسياسة‬ ‫والفلسفة‪ ،‬ملا تعوال عليها في إذعان املستمع لألطروحات املعروضة عليه(‪ ،)2‬ولهذا‬ ‫انقسمت إلى قسمين ‪ :‬قيم مجردة كالعدل والحق‪ ،‬وقيم محسوسة كالوطن والحرية‪.‬‬ ‫املدارج ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫تخضع القيم ملدارج معينة‪ ،‬فهي ليست مطلقة‪ ،‬لهذا ال يحدد الجمهور ما يقيمه‪،‬‬ ‫بقدر ما يحدد الكيفية التي يرتب بها هذه القيم ومدى تدرجها‪ ،‬فلهذا كان الجميل‬ ‫درجاتن والقبيح دركات‪ ،‬فالقيم إما أن تكون مجردة مثل العدل الذي هو أفضل من‬ ‫النافع‪ ،‬أو أن تكون مادية محسوسة مثل إلانسان الذي هو أعلى رتبة ودرجة من‬ ‫الحيوان‪.‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪l'argumentation- La nouvelle rhétorique ,pp.93-94.‬‬ ‫‪ -2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.011‬‬ ‫‪152‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫املواضع واملواقع ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫قصد الرفع من إذعان الجمهور للخطيب عليه أن يستخدم مدارج القيم أو مقدمات‬ ‫شاملة لتحقيق ذلك‪ ،‬وهذا ما يعرف باملواضع‪ ،‬وهي تلك املصنفات الخاصة باالستدالل‬ ‫الجدلي‪ ،‬فهي كما يعتبرها (شيشرون) مخازن أو مستودعات للحجج(‪ ،)1‬تستظهر لحمل‬ ‫الغير على الاقتناع‪ .‬لهذا انقسم املواضع قسمين‪ ،‬مواضع مشتركة وأخرى خاصة‪ ،‬حيث أن‬ ‫املواضع املشتركة تطبق على علوم مختلفة وال تقتصر على علم بعينه مثل القانون‬ ‫والسياسة‪ ،‬على عكس مواضع الخاصة التي تحدد بعلم معين ال يخرج به إلى غيره (ص‬ ‫‪.)114‬‬ ‫كما أن لهذه املواضع نوعين آخرين‪ ،‬منها مواضع الكم‪ ،‬وهي تلك املواضع املشتركة التي‬ ‫يتبين فيها أن شيئا ما أفضل من ش يء آخر ألسباب كمية(‪ ،)2‬كقولنا إن ما هو أبقى أفضل‬ ‫مما هو أقل بقاء‪ ،‬أو قولنا ألاكثر أفضل من ألاقل والكل أفضل من الجزء‪ ،‬أما مواضع‬ ‫الكيف فهي على عكس مواضع الكم تماما التسامها بوحدتها الشكلية‪ ،‬لهذا جاءت ضد‬ ‫الجمع غير متسمة باالشتراك‪ ،‬مثل اعتقادنا بأن الحقيقة التي يضمنها هللا هي واحدة مقابل‬ ‫آراء البشر املتباينة وهنا يظهر ثبات الحقيقة أمام آلاراء املتعددة‪.‬‬ ‫مواضع أخرى ‪:‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫هناك مواقع ومواضع أخرى تكلم عنها بيرملان‪ ،‬وهي مواضع الترتيب كاعتبارنا السابق مثل‬ ‫املبادئ والنظم والقوانين أفضل من الالحق‪ ،‬وهي املنتجة لتطبيق تلك النظم‪ .‬كما نجد‬ ‫مواضع املوجود القائلة بفضل املوجود والراهن والواقع على املحتمل واملمكن وغير املمكن‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ املرجع السابق‪.141-142 ،‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪153‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫وهذه املواضع يمكن أن تسمى مواضع املفضل و املؤثر(‪ )1‬ملا تقيمه من تفضيل بين‬ ‫املفاهيم كاملوجود أفضل من املحتمل‪.‬‬ ‫لذا سنعالج في تفكيره القانوني الحجاجي‪ ،‬عالقتين مهمتين‪ ،‬وهما عالقة كل من القانون‬ ‫بالبالغة الجديدة‪ ،‬وعالقة القانون بالحجاج‪ ،‬مركزين على هذه ألاخيرة ‪.‬‬ ‫القانون والبالغة الجديدة ‪:‬‬ ‫‪-2-3‬‬ ‫يمكن عرض ما نسميه بالدراسة التداولية للتفكير القانوني املؤسس للمنطق القانوني‬ ‫عند بيرملان ومدرسته(‪ ،)2‬من خالل املباحث التي اعتنت لدراستها على رأسها املنطق‬ ‫الحجاجي‪ ،‬وإلاقناع واملناظرة‪ ،‬حيث يشير بيرملان في كتابه ( املنطق القانوني‪ ،‬بالغة جديدة)‬ ‫إلى أرسطو الذي يعد أب املنطق غير صوري‪ ،‬كما عرض ذلك في كتابه ( النقائض‬ ‫السوفسطائية)‪ ،‬والتي تخص وسائل إلاقناع‪ ،‬واملناظرة عن طريق الخطاب ونقد فرضيات‬ ‫الخصم ( املدعي) بالدفاع ودحض مقالته بالحجة الدامغة(‪ ،)3‬كما يستعين بما عرفته‬ ‫البالغة من تطور على يدي كل من ( شيشرون وكونتنيان) لصور ألاسلوب‪ ،‬وهكذا منح‬ ‫أرسطو البالغة صبغتها التداولية من الوهلة ألاولى(‪.)4‬‬ ‫وقد عرف هذا الفن الحجاجي استقراره إبان القرن الثامن عشر في مجال القانون بصيغة‬ ‫املوضعيات القانونية‪ ،‬أو ألامكنة الخاصة بالقانون‪ ،‬مما استدعى توسيع الفضاء القانوني‪،‬‬ ‫لألمكنة املشتركة للخطاب إلاقناعي كما عالجه أرسطو في موضعياته (‪، )5()Topiques‬‬ ‫ليقترح بيرملان منطقا غير صوري أسماه (البالغة الجديدة) وهو يصوغ مع زميلته في البحث‬ ‫ّ‬ ‫( أولبرخت تيتيكا) كتابهما العمدة ( مصنف في الحجاج‪ ،‬البالغة الجديدة)‪.‬‬ ‫‪ -1‬السابق‪ ،‬ص ‪.141 -142‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, ed.puf, Paris,1990, p.205.‬‬ ‫‪Chaïm Perelman, Logique juridique, nouvelle rhétorique, Paris, ed. Dalloz, Paris,‬‬ ‫‪1978, p. 87.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ روالن بارت‪ ،‬قراءة جديدة للبالغة القديمة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عمر أوكان‪ ،‬إفريقيا الشرق‪،‬ط ‪ ،1‬سنة ‪ ،1112‬املغرب‪ ،‬ص ‪.01‬‬‫ينظر أيضا ‪ :‬دمحم العمري‪ ،‬في بالغة الخطاب إلاقناعي‪ ،‬إفريقيا الشرق‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،4004‬املغرب‪ .‬وهذا الكتاب مخصص‬ ‫للخطابة العربية في القرن ألاول‪ ،‬وال يخلو من فائدة في املوضوع‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪Chaïm Perelman, Logique juridique, nouvelle rhétorique, pp.87-105‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫فالبالغة الجديدة عندهما ال تبحث عن الحقيقة‪ ،‬ولكن عن املوافقة للحل املقترح‬ ‫لقضية ما‪ ،‬فهي مفهوم مركزي‪ ،‬إلى جانب مفهوم املستمع‪ ،‬ألن الخطاب ال يكون ناجعا‬ ‫و‪/‬أو فعاال‪ ،‬إذ لم يك من مستمع يقتنع به ويناظره(‪ ،)1‬لهذا يعرف بيرملان البالغة الجديدة‬ ‫بأنها ‪ ":‬دراسة التقنيات الخطابية املوجهة لتحريض أو لزيادة املوافقة للفرضيات‬ ‫املقدمة لبعض املستمعين "(‪ ،)2‬وهذا توسيع ملفهوم البالغة عند أرسطو الذي عقدها‬ ‫على الكشف عن طرق املمكنة لإلقناع في أي موضوع كان‪.‬‬ ‫يعد املبدأين اللذين بنى عليهما بيرملان تعريفه للبالغة الجديدة‪ ،‬وهما ( املوافقة‬ ‫واملستمع ) ضروريان للمجال القانوني‪ ،‬وهذا لتعبيرهما الدقيق عن كنه الروابط القانونية‪،‬‬ ‫وتأكيد خصوصية التفكير القضائي(‪ ،)3‬لذا سنتوقف عندهما‪.‬‬ ‫املوافقة (‪:)adhésion‬‬ ‫أ‪-‬‬ ‫لقد أوضح (ج‪.‬د‪.‬برودان) بأن املنطق القضائي ال يتمركز حول فكرة الحقيقة‪ ،‬بقدر ما‬ ‫يتمركز في املوافقة(‪ ،)4‬وهذا ما يسعى إليه املحامي بانتزاع موافقة القاض ي‪ ،‬هذه املوافقة‬ ‫التي ترتكز على اتفاقيات سابقة تقرها املحاكم والرأي العام‪ ،‬بعد تحرير املحامي لعريضة‬ ‫الدعوى التي تكون مسببة ومعللة‪ ،‬وما مدى قوة مرافعته أمام القاض ي‪ ،‬واملدعي‪ ،‬بإبداء‬ ‫دفاعه وتقديم حجج موكله‪ ،‬اعتراضا على طلبات وإدعاءات املدعي‪ ،‬وهو متيقن بموافقة‬ ‫القاض ي وإذعانه‪ ،‬وهنا تكمن القوة الحجاجية للبالغة القانونية‪ ،‬بانتزاعها املوافقة من‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ -‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Traite‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪l'argumentation- La nouvelle rhétorique , p.05.‬‬ ‫‪ Chaïm Perelman, logique juridique, nouvelle rhétorique, pp.105-114.‬ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique,ed. Puf, Paris,1990, p.208.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪J. D. Bredin, La Logique Judiciaire et l’avocat, in La logique judiciaire, PUF,‬‬ ‫‪1969, P.94‬‬ ‫‪155‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫املترافع بحجة دامغة‪ ،‬أما القاض ي من خالل إصداره ألحكامه وقراراته‪ ،‬يبحث أكثر في‬ ‫تحريض املوافقة املقررة للحقيقة‪.‬‬ ‫املستمع ( ‪:)auditoire‬‬ ‫ب‪-‬‬ ‫وهو من املبادئ التي ركز عليها بيرملان إلى جانب املوافقة‪ ،‬فكيف يمكننا أن نعرف املستمع؟‬ ‫هل هو ذلك الذي يستدعيه املتكلم ّ‬ ‫ويعينه ؟ أم ذلك الذي يراه املتكلم وهو يتأهب للكالم ؟‬ ‫فال يتمثل املستمع دائما في ذلك النائب في البرملان‪ ،‬وليس بالضرورة أن يكون رئيس‬ ‫الحكومة مخاطبا وزراءه‪ ،‬فربما كان محام يرافع أمام قاض‪ ،‬أو حتى صحفيا ينجز حوارا‬ ‫يخاطب به قراءه‪ ،‬أو الشخص الذي يحاوره‪ ،‬أو ذلك الكاتب املخاطب لقراءه‪ ،‬فمن هنا‬ ‫تأتي صعوبة تحديد املستمع‪ ،‬غير أن بيرملان حاول تحديده بمادة بالغية‪ ،‬بأنه ذلك ‪":‬‬ ‫املجموع الذي يريد املتكلم التأثير فيه بواسطة حجاجه"(‪ ،)1‬أي مجموع ألاشخاص الذين‬ ‫يراهم الخطيب أمامه وهو يلقي بخطبته مراعيا في ذلك أحوالهم وأقدارهم ومراتبهم‪ ،‬وهم‬ ‫يتحاورون معه‪ ،‬وبهذا فاملستمع كما يقول بالنتان ‪ " :‬شريك واقعي للحوار"(‪.)2‬‬ ‫لهذا كان على قضاء الفرع الجزائي‪ ،‬وقبل إقفال باب املرافعة‪ ،‬الاستماع ألطراف‬ ‫الدعوى ووكالئهم في طلباتهم ودفاعاتهم بالترتيب‪ ،‬ابتداء باملدعي املدني (الضحية)‪ ،‬على ما‬ ‫أورده قانون إلاجراءات الجزائية الجزائري‪-‬ذو املرجعية الفرنسية والجرانية‪ -‬في مواده ( من‬ ‫‪ 422‬إلى ‪ ،)101‬وليس للقضاة بعد هذا السماع‪ ،‬والاختالء للمداولة غير طرحهم على‬ ‫أنفسهم ذلك السؤال الذي وضعه لهم القانون وهو ( هل لديكم اقتناع شخص ي ) ملا عرض‬ ‫عليكم ؟ وهذا ما أوردته ( املادة ‪ 101‬من القانون إلاجراءات الجزائية) ‪.‬‬ ‫لهذا يقول بيرملان ‪ " :‬إن قرارات العدالة ال بد لها من أن تعدل بين ثالث مستمعين مختلفين‬ ‫جدا‪ ،‬فمن جهة أطراف الخصومة ( الدعوى)‪ ،‬وبعد ذلك أخصائيو القانون‪ ،‬وفي ألاخير‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪l'argumentation- La nouvelle rhétorique, pp.24-25.‬‬ ‫‪Christain Plantin, Essais sur l'argumentation, pp.16-18.‬‬ ‫‪156‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫الرأي العام الذي يتمظهر على مستوى الصحافة‪ ،‬وردود ألافعال التشريعية‪ ، )1("....‬وعلى‬ ‫هذا بنى بيرملان بالغته القانونية بعد تحديده للشروط الضابطة لكل من السامع واملتكلم‪،‬‬ ‫ألننا ال نلقي بسمعنا ألي أحد ألنه ال يمكننا أن نعطي سمعنا ألي أحد‪ ،‬وفي أي موضوع‪ ،‬وفي‬ ‫أي حال‪ ،‬إال ملن كان أال لالستماع وحامال لصفة مخصوصة‪ ،‬مثل أعضاء البرملان (‬ ‫بغرفتيه)‪ ،‬ورجل القضاء أمام املحاكم‪ ،‬وهذا ما نلحظه في دول القانون التي تتخذ ناطقا‬ ‫رسميا ينوب عنها في تبليغ خطاباتها‪ ،‬واملؤهل قانونا ألداء هذه املهمة(‪ .)2‬وعليه فإلقناع‬ ‫سامعك ال بد من أن تعرف أحواله‪ ،‬وتخبر فرضياته املطروحة‪ ،‬لكي تنقضها وتحاجها‪ ،‬ألن‬ ‫الحجاج الناجح هو الذي بمقدوره أن يزيد من قصدية املوافقة بإثرائها لدى سامعك‪.‬‬ ‫‪ 3.3‬نحو حجاج قانوني ‪:‬‬ ‫ملا كان مدار البالغة عند بيرملان على الحجاج ومحاجة الخصم إلقناعه وانتزاع موافقته‪،‬‬ ‫فقد انسحب تعريف البالغة القانونية كما حددناه سابقا على الحجاج ليصبح " دراسة‬ ‫التقنيات الخطابية املوجهة لتحريض أو لزيادة في موافقة النفسيات أو الفرضيات‬ ‫املعروضة على رضاه (املستمع‪/‬القارئ)"(‪ .)3‬فنفهم من التعريف أن مجال الحجاج‬ ‫القانوني‪ ،‬هو دراسة التقنيات الخطابية‪ ،‬واضعين في الاعتبار أن املحاجة تشير إلى نمط‬ ‫خطابي‪ ،‬يتمثل في العملية التي يقوم الفرد كم خاللها بالدفاع عن آرائه حول مواقف‬ ‫معينة‪ ،‬فضال عن انتقاده وهجومه على آراء آلاخرين املخالفة آلرائه كما يرى (رانس ي‪،‬‬ ‫‪.)4()1111‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪l’argumentation- La nouvelle rhétorique, p.137.‬‬ ‫‪Chaïm Perelman, logique juridique, nouvelle rhétorique, pp.108-109.‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪l'argumentation- La nouvelle rhétorique, p.05.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ عبد املنعم شحاتة‪ ،‬طريف شوقس فرج‪ ،‬مكونات املحاجة ( دراسة في تحليل بعض املحاورات الفكرية)‪ ،‬مجلة العلوم‬‫الاجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،01‬الصادر عن جامعة الكويت‪ ،‬سنة ‪ ،4000‬ص ‪.211-211-201‬‬ ‫‪157‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫لهذا كان الحجاج أصال في كل تفاعل بين املدعي واملعترض‪ ،‬أو غيرهما‪ ،‬إن تبادال للتأثير أو‬ ‫تناقال للتغيير‪ ،‬أو ترابطا وظيفيا‪ ،‬أو حتى تجاوبا وجدانيا‪ّ ،‬‬ ‫ليحده طه عبد الرحمن‪ ،‬بقوله ‪":‬‬ ‫هو كل منطوق به‪ ،‬موجه إلى الغير إلفهامه دعوى مخصوصة يحق له الاعتراض عليها"(‪،)1‬‬ ‫وهذا ّ‬ ‫حد جمل ملا قد فصله عن الحجاج في قول سابق‪ ,‬بأنه فعالية تداولية جدلية‪ ،‬فهو‬ ‫تداولي‪ ،‬ألن طابعه الفكري مقامي واجتماعي‪ ،‬إذ يأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الحال من‬ ‫معارف مشتركة ومطالب إخبارية وتوجهات ظرفية‪ ،‬ويهدف إلى الاشتراك جماعيا في إنشاء‬ ‫معرفة علمية‪ ،‬إنشاء موجها بقد الحاجة‪ ،‬وهو أيضا جدلي ألن هدفه إقناعي ‪ ،‬بلوغه قائم‬ ‫على التزام صور استداللية أوسع وأغنى من البنيات البرهانية الضيقة(‪.)2‬‬ ‫والحجاج القانوني ال يخرج عما ّبيناه من خصائص الحجاج عامة‪ ،‬كما أتى بها بيرملان‪،‬‬ ‫القائمة على تحريض املستمع قصد إقناعه بموافقة إدعاء املدعي‪ ،‬لهذا كانت الحج‬ ‫القانونية دعامة أساسية في تأويل النصوص القانونية ‪ ،‬فبيرملان يرجع لتأكيد إدعائه إلى‬ ‫التجربة املختصة للقضاء‪ ،‬ومنهم البروفيسور تارلو (‪ ،)Tarelo‬في مداخلته املكرسة‬ ‫لخصوصية التفكير القانوني‪ ،‬ممتحنا في ذلك ثالثة عشر حجة‪ ،‬قصد تأويل النصوص‬ ‫القانونية‪ ،‬بتوظيفنا للقصد املسند للمشرع‪)3(:‬‬ ‫‪ ‬الحجج القانونية ‪:‬‬ ‫الحجة املضادة ( املعاكسة) ‪a contrario‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫تعد إجراء خطابيا يحمل قوة إلزامية ملن وجه إليه الخطاب القانوني‪ ،‬ويسقط عن الباقي‪،‬‬ ‫فمثال النظام القانوني الذي يوجب على كل شاب بلغ سن العشرين‪ ،‬بأن يؤدي واجب‬ ‫‪1‬‬ ‫ طه عبد الرحمن‪ ،‬اللسان وامليزان‪ ،‬أو التكوثر العقلي‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،1112‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪ ،‬ص‬‫‪.441-441‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ طه عبد الرحمن‪ ،‬في أصول الحوار وتجديد علم الكالم‪ ،‬ص ‪.12‬‬‫‪Chaïm Perelman, Logique juridique, nouvelle rhétorique, pp.55-59.‬‬ ‫ينظر أيضا ‪:‬‬ ‫‪Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, pp.206-207.‬‬ ‫‪158‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫الخدمة العسكرية‪ ،‬فنستدل باملضادة أن هذا الواجب ّ‬ ‫امللزم ال يخص فئة الفتيات ألنهن‬ ‫لم يخاطبن به‪.‬‬ ‫الحجة املماثلة ( املشابهة) ‪a simili ou analogique‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫وتكن في مشابهة ومماثلة القواعد القانونية لبعضها البعض‪ ،‬ومساواتها في القوة إلالزامية‪،‬‬ ‫فإذا ألزمت القاعدة ألاشخاص بعدم اصطحابهم كالبهم إلى املستشفى‪ ،‬فهذه القاعدة‬ ‫تماثل في القوة القاعدة املانعة الصطحاب الحيوانات في ألاماكن الخاصة‪.‬‬ ‫الحجة الدامغة (القوية) ‪a fortiori‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫هذه الحجة إجراء خطابي بيد رجل القانون‪ ،‬فهو في توصيفه للقضية القانونية يعرضها‬ ‫على أقوى الحجج عنده‪ ،‬وهو النص القانوني ال يعدوه إلى ما دونه إال احتياطيا ( لتفسير أو‬ ‫رفع غموض النص)‪ ،‬كما ورد في املادة ألاولى من القانون املدني الجزائري‪ .‬وتتمظهر هذه‬ ‫الحجة في شكلين محددين ‪:‬‬ ‫الحجة من ألاصغرإلى ألاكبر‪a minori ad maius :‬‬ ‫أ‪-‬‬ ‫وتختصر هذه القاعدة القانونية آلامرة فيما يلي ‪ :‬يمنع جرح إلانسان بقوة منع قتله"‪ ،‬أي‬ ‫إذا كان يمنع جرح إلانسان فمن باب أولى عدم قتله‪ ،‬كذلك إذا منع املش ي على العشب‬ ‫فمن باب أقوى قطعه‪.‬‬ ‫الحجة من ألاكبر إلى ألاصغر‪a maius ad minori :‬‬ ‫ب‪-‬‬ ‫وتتلخص في املثل القانوني التالي ‪ " :‬من يقدر على ألاكثر‪ ،‬يقدر على ألاقل"‪ ،‬وهناك قاعدة‬ ‫قانونية تماثلها في القوة وهي ‪ " :‬من بيده سلطة التعيين‪ ،‬بيده سلطة العزل"‪.‬‬ ‫و املالحظ أن هذه الحجج الثالث تعد من أهم الحجج وأشهرها‪ ،‬وال يخلو خطاب قانوني‬ ‫منها‪.‬‬ ‫الحجة املتكاملة ‪a completudine :‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫وهي الحجة التي تبنى على فكرة اكتمال النظام القانوني‪.‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫الحجة املنسجمة ‪a coherentia :‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫وهي الحجة التي تنبني على فكرة عدم تعارض ألاحكام القانونية في نفس القضية املعروضة‬ ‫على القاض ي للفصل فيها‪ ،‬وهذا الحترام مبدأ انسجام النظام القانوني وعدم تجزئته‪.‬‬ ‫الحجة النفسية ‪psychologiue :‬‬ ‫‪-6‬‬ ‫وتكمن في البحث عن إرادة املشرع‪ ،‬بالرجوع إلى ألاعمال التحضيرية ملشروع القانون‬ ‫الجديد‪ ،‬أي أن هذه الحجة توجد في حال عرض قانون جديد‪.‬‬ ‫الحجة التاريخية ‪Historique :‬‬ ‫‪-7‬‬ ‫وتدعى كذلك بقرينة الاستمرارية‪ ،‬ألننا نقترض أن املشرع هو املؤتمن على التطبيق السليم‬ ‫للقانون‪ ،‬أي حامي النظام القانوني‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الحجة الاستحالية ( الخلفية) ‪apagogique :‬‬ ‫‪-8‬‬ ‫وهي الحجة التي توصلنا إلى استحالة تأويل املشرع لنص القانون تأويال ال منطقيا أو أحاديا‪.‬‬ ‫الحجة الغائية ‪téléologique :‬‬ ‫‪-9‬‬ ‫وهي التي تختص بروح القانون والهدف منه‪.‬‬ ‫الحجة الاقتصادية ( إلايجاز) ‪économique :‬‬ ‫‪-11‬‬ ‫وهي الفرضية املقتضبة التي يضعها املشرع لتأويل نص ما‪ ،‬فهي بذلك حجة غير مسهبة‪،‬‬ ‫تقتض ي الاقتصاد وإلايجاز‪.‬‬ ‫حجة الشاهد السابق ‪ab exemplo :‬‬ ‫‪-11‬‬ ‫وهي تأويل نص قانوني بحجج سابقة عليه‪ ،‬أي بقرارات داخلية مثال‪ ،‬أو آراء فقهية مجمع‬ ‫عليها ومقبولة‪.‬‬ ‫‪-12‬‬ ‫الحجة النظامية ( النسقية) ‪systématique :‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫وتدعى كذلك بالحجة البنيوية‪ ،‬ألنه ما من معنى للمعيار إال داخل النظام الذي ينتسب‬ ‫إليه‪ ،‬وال يؤول إال من خالل سياقه املوظف فيه أيضا‪.‬‬ ‫الحجة الطبيعية ‪naturaliste :‬‬ ‫‪-13‬‬ ‫وهي تعنى بطبيعة ألاشياء‪ ،‬فال يطبق نص قانوني في حالة ما كانت طبيعة ألاشياء متقابلة‪.‬‬ ‫ونجد أن ‪ Fabreguette‬في كتابه ( املنطق القضائي وفن التقاض ي)‪ ،‬إذ جعل من الحجج‬ ‫القانونية عشرا‪ ،‬خالفا لبيرملان‪ ،‬فنجد أربعة منها غير موجود في القائمة السابقة‪ ،‬وهي (‪:)1‬‬ ‫الحجة العامة ‪a generali :‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫وهي ترى بأن القانون يتكلم بصفة عامة‪ ،‬أي أن خطابه عام ومجرد‪ ،‬يلتزم به كافة‬ ‫املخاطبين‪.‬‬ ‫الحجة الواضحة ‪ration legis stricta :‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫وهي الحجة التي ترتبط بوضوح النص القانوني‪.‬‬ ‫الحجة النافذة ( السلطوية)‪ab auctoritate :‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫وهي حجة السيادة‪ ،‬أي تلك التي ترتبط بسيادة الفقه والقضاء‪ ،‬ونفاذ رأيهما‪.‬‬ ‫الحجة الحمراء ( حجة التبويب)‪a rubrica :‬‬ ‫‪-4‬‬ ‫وهي الحجة التي كانت تنتزع من عناوين النصوص التشريعية في العصر إلاغريفي‪ ،‬حيث‬ ‫كانت تكتب العناوين والفصول القانونية‪ ،‬باللون ألاحمر‪ ،‬أي تخضب به‪ ،‬فهي بذلك حجة‬ ‫مخضبة‪.‬‬ ‫فتعد هاتين الفئتين من أكبر وأهم الحجج القانونية املشكلة ملنطق الحجاج القانوني(‪،)2‬‬ ‫وجزء مهم من املنطق الحجاجي عامة ( املنطق غير الصوري) الذي أطلق عليه بيرملان‬ ‫( البالغة الجديدة)‪ ،‬التي تترجم بواقعية الصالت القانونية‪ ،‬وتحديد خصوصية الاستدالل‬ ‫القانوني‪ ،‬وهنا تظهر ضرورة كل من املوافقة واملستمع فيها‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 401‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.402‬‬ ‫‪161‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫لهذا فالهدف ألاساس ي للمنطق القانوني الستبدال مفاهيم مثل ‪ ( :‬صادق أو صحيح أو‬ ‫صالح‪ ،)...‬بمفاهيم أخرى من مثل ‪ ( :‬مقبول أو معقول أو منصف أو مباح أو حق‪ ،)...‬وهذا‬ ‫املنطق املعقول سيسمح للقاض ي تفادي التناقضات التشريعية وبعض الثغرات القانونية‬ ‫باستناده ملفاهيم مركزية ثالث ‪ ( :‬الحس السليم والعدالة والصالح العام)‪ ،‬وهذا ما عبر‬ ‫عنه بيرملان بقوله ‪ " :‬عندما يقدم حل ما على أنه الحل الوحيد املقبول‪ ،‬ألسباب تتصل‬ ‫بالحس السليم‪ ،‬أو العدالة‪ ،‬أو الصالح العام‪ ،‬فإنه هو الذي يجب أن يفرض في القانون‪،‬‬ ‫حتى وإن كنا مضطرين إلى الاستناد إلى حجاج مموه لنبين مدى توافقه مع املعايير‬ ‫القانونية الجاري العمل بها "(‪ ،)1‬وعليه فإن استدالل القاض ي سيكون ذو خاصية قانونية‬ ‫إال من خالل اختيار مقدماته‪.‬‬ ‫لذلك على القاض ي أن يتجنب خطرين متعارضين يحدقان به عند كل حكم وفصل ‪ :‬فمن‬ ‫جهة عليه تفادي الطريقة الاستبطانية العمياء أي نسيان الكنه إلانساني والواقع‬ ‫الاجتماعي املعيش نتيجة خضوعه للمنطق الاستبطاني املحض املتحكم في القياس‬ ‫القانوني‪ ،‬لكي ال يصبح مثل (آلة إلصدار ألاحكام)‪ ،‬ومن جهة ثانية عليه تجنب الذاتية‬ ‫الجزئية التي توقعه تحت سكينة حدسه وإحساسه الذي غالبا وما يتحول إلى (اقتناع‬ ‫راسخ) يبعده عن املوضوعية‪ ،‬فالقاض ي في كل ألاحوال حارس للقوانين عليه أن يطبقها وإن‬ ‫كانت في غير مصلحته دون أي قيد أو شرط مسبق‪ ،‬فالتوفيق بين هذين الشرطين ضروري‬ ‫للقاض ي وإن تعارضا‪.‬‬ ‫و بهذا فتصور بيرملان حول البالغة القانونية ال يتناقض ومفاهيم املنطق القانوني‬ ‫ألاخرى‪ ،‬ألنها تحضير املنطق الاستنباطي وإتمامه وتوسيعه‪ ،‬فاملنهجين الخطابي واملنطقي‬ ‫الاستبطاني متالزمان ال يمكن الفصل بينهما في املجال القانوني‪ ،‬وبخاصة في الاستدالل‬ ‫القضائي‪.‬‬ ‫‪de‬‬ ‫‪Traité‬‬ ‫‪Lucie-Olbrechts-Tytica,‬‬ ‫‪et‬‬ ‫‪Perelman‬‬ ‫‪Chaïm‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪l’argumentation- La nouvelle rhétorique, p.104.‬‬ ‫‪162‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014‬املخاطبات‬ ‫‪ ‬الخاتمة ‪:‬‬ ‫بعد طول ما تجشمناه من صعوبة مثل هذه املسالك البحثية ‪ ،‬والتي تطلبت منا صبرا‬ ‫علميا مضاعفا‪ ،‬لجدة هذا املجال الدراس ي‪ ،‬الذي يحتاج أكثر من بحث ودراسة‪ ،‬بل فريق‬ ‫بحث متكامل قصد ضبط معامله‪ ،‬وتبيين مفاهيمه‪ ،‬فمن اللسانيات القانونية إلى‬ ‫التداوليات القانونية‪ ،‬رحلة بحث عن مفاصل السيميائيات القانونية الغادية في الانتشار‬ ‫بين ألاوساط العلمية املتخصصة ألهميتها العلمية في التناول‪ ،‬وضرورتها العملية في‬ ‫التداول‪ ،‬التي تمثلت لنا في مفهوم الحجاج القانوني‪ ،‬وبخاصة عند منظره ألاساس ي ( شايم‬ ‫بيرملان)‪ ،‬لهذا عده املختصون من بين املفكرين القالئل الذين جاءوا بش يء مقنع بعد‬ ‫أرسطو‪ ،‬وهذا بتجديده للبالغة والخطابة ألارسطية‪ ،‬بما أسماه البالغة الجديدة‬ ‫والحجاج القانوني الذي طورته مدرسته‪ ،‬فإليه يرجع الفضل في توسيع دائرة‬ ‫السيميائيات القانونية لتسع التداوليات القانونية والحجاج القانوني الذي أقص ي‬ ‫لسنوات عديدة‪.‬‬ ‫فقد آن ألاوان ليتوسل املشرع العربي بهذه الطرق الحجاجية سواء أكانت قانونية أو‬ ‫سياسية أو دبلوماسية أو إقتصادية‪ ،...‬ليفاوض ويناقش آلاخر الغربي بالحجة الدامغة‬ ‫والدعوى املقنعة لحصل منه على التوافق‪ ،‬قبل انتزاع املوافقة ‪.‬‬ ‫‪ ‬املصادرواملراجع ‪:‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫باللغة العربية ‪:‬‬ ‫ اسحق إبراهيم منصور‪ ،‬نظريتا القانون والحق‪ ،‬وتطبيقهما في القوانين‬‫الجزائرية‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة ‪ ،1121‬الجزائر‪.‬‬ ‫ روالن بارث‪ ،‬قراءة جديدة للبالغة القديمة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عمر أوكان‪ ،‬إفريقيا‬‫الشرق‪،‬ط ‪ ،1‬سنة ‪ ،1112‬املغرب‪.‬‬ ‫‪163‬‬ ‫‪Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014‬‬ ‫‪ISSN 1737- 6432‬‬ ‫‪ AL-MUKHATABAT‬املخاطبات‬ ‫ حبيب إبراهيم خليل الخليلي‪،‬املدخل للعلوم القانونية(النظرية العامة‬‫للقانون)‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬ط‪ ،4‬الجزائر‪ ،‬سنة‪.1121‬‬ ‫ جون أولسون‪ ،‬علم اللغة القضائي ( مقدمة في اللغة والجريمة والقانون)‪،‬‬‫ترجمة ‪ :‬دمحم ناصر الحقباني‪ ،‬النشر العلمي واملطابع‪ ،‬ط‪ ،1‬جامعة امللك سعود‪،‬‬ ‫سنة ‪ ،4002/1241‬الرياض ‪.‬‬ ‫ خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬شرح النظرية العامة في القانون الجزائري‪ ،‬ديوان‬‫املطبوعات الجامعية‪ ،‬سنة‪ ،1122‬الجزائر‪.‬‬ ‫ سعيد أحمد بيومي‪ ،‬لغة الحكم القضائي ( دراسة تركيبية داللية)‪ ،‬مكتبة‬‫آلاداب‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪.4001‬‬ ‫ طه عبد الرحمن‪ ،‬في أصول الحوار وتجديد علم الكالم‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪،‬‬‫ط‪ ،1‬سنة ‪ ،4000‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪.‬‬ ‫ ‪ ، // //‬اللسان وامليزان‪ ،‬أو التكوثر العقلي‪ ،‬املكرز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة‬‫‪ ،1112‬الدار البيضاء‪ ،‬املغرب‪.‬‬ ‫ عبد الحق بلعابد‪ ،‬السيميائيات القانونية‪ ،‬مجلة سيميائيات‪،‬ع‪ ،01‬خريف‬‫‪ ،4002‬الصادرة عن مختبر السيميائيات وتحليل الخطاب‪ ،‬جامعة‬ ‫وهران‪،‬الجزائر‪.‬‬ ‫ ‪ ، // //‬ترجمة النص القانوني بين كفاءات املترجم وإكراهات املصطلح‪،‬مجلة‬‫املترجم‪،‬ع‪ ،11‬يناير جوان ‪ ،4001‬الصادرة عن مختبر تعليمية الترجمة وتعدد‬ ‫ألالسن‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬الجزائر‪.‬‬ ‫ عبد املنعم شحاتة‪ ،‬طريف شوقس فرج‪ ،‬مكونات املحاجة ( دراسة في تحليل‬‫بعض املحاورات الفكرية)‪ ،‬مجلة العلوم الاجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪،01‬‬ ‫الصادر عن جامعة الكويت‪ ،‬سنة ‪.4000‬‬ ‫ عبد هللا صولة‪ ،‬في نظرية الحجاج ( دراسات وتطبيقات)‪ ،‬مسكيلياني للنشر‬‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬سنة ‪ ،4011‬تونس‪.‬‬ ‫‪164‬‬ ‫ املخاطبات‬AL-MUKHATABAT ISSN 1737-6432 Numéro - Issue 12 /Octobre-October 2014 ‫ مركز إلانماء‬،‫ سعيد علوش‬: ‫ ترجمة‬،‫ املقاربة التداولية‬،‫ فرونسوا أرمينقو‬.01 ‫ ص‬،‫ دمشق‬،1121 ‫ سنة‬،‫العربي‬ ‫ دمحم صالح ناحي‬: ‫ ترجمة‬،‫ تاريخ نظريات الحجاج‬،‫ جيل جوتييه‬،‫ فيليب بروتون‬،‫هـ‬1214 ‫ سنة‬،1‫ ط‬،‫ جامعة امللك عبد العزيز‬،‫ مركز النشر العلمي‬،‫الغامدي‬ .4011 ،4004 ‫ سنة‬،1‫ ط‬،‫ إفريقيا الشرق‬،‫ في بالغة الخطاب إلاقناعي‬،‫ دمحم العمري‬.‫املغرب‬ ‫ املؤسسة‬،‫ قراءات تمهيدية‬،)‫ ألالسنية (علم اللغة الحديث‬،‫ ميشال زكريا‬.‫ بيروت لبنان‬،1122 ‫سنة‬،1‫ ط‬،‫الجامعية للدراسات والنشر‬ - : ‫باللغة األجنبية‬ - - - -2 Chaïm Perelman et Lucie-Olbrechts-Tytica, Traité de l'argumentation- La nouvelle rhétorique, preface de Michel Meyer, ed. De l'universite de Bruxelles, 1992. Chaïm Perelman, logique juridique, nouvelle rhétorique, Paris, ed. Dalloz, Paris, 1978. Christian Baylon, Paul Fabre, La sémantique, ed. Nathan, Paris, 1978. Christain Plantin, Essais sur l'argumentation, ed. Kime, 1990. Claude Tousignant, linguistique en cour de justice, Université du Québec, 1990. - Gérard Cornu, Linguistique juridique, ed. Montchrestien, Paris, 2005. George Mounin, Cléfs pour la sémantique, ed. Seghers, Paris, 1975.F. De Saussure, Cours de linguistique générale,ed.ENAG,Alger,1994. Fançoise Gadet, Saussure, une science de la langue, ed. Puf, Paris, 1987. J.D. Bredin, La Logique Judiciaire et l’avocat, in La logique judiciaire, PUF, 1969. 165 ‫ املخاطبات‬AL-MUKHATABAT - - ISSN 1737- 6432 Numéro-Issue 12 / Octobre- October 2014 Jaques Moschler et Anne Reboul, Dictionnaire encyclopédique de la pragmatique, Paris, ed. Du Seuil, 1994. Jean Claude Gémar, Langage du droit et traduction, ed. Linguatech, Paris, 1982. Jerzy Wrobleski, Le langage juridique : une typologie, Droit et Société 8-1988. Joseph Ghazi, Pour comprendre la linguistique, ed. Puma, Paris, 1985. Ksenia Gatuskina, Jurilinguistique: du langage spécialisé vers la linguistique de spécialité, Romanica Cracoviensia, vol 11, pp.146153, Krakow, 2012. Osward Ducrot, Jean Marie Schaffer, Nouvau dictionnaire de l’Encyclopédique des sciences du langage,ed.du seuil, Paris, 1995. P. Bronkart, Théories du langage, ed. Mardaga, Bruxelles, 1977. Paul Dubouchet, Sémiotique juridique, ed.puf, Paris, 1990. Pierre Voirin, Manuel de droit civil, ed. L. G.D. J, Paris, 1970. Umberto Eco, Les limites de l'interpretation, ed.Grasset, Paris, 1992. 166