Nothing Special   »   [go: up one dir, main page]

Academia.eduAcademia.edu

ولادة الابن: بالإرادة أم بالطبيعة؟

‫والدة االبن‪ :‬باإلرادة أم بالطبيعة؟‬ ‫إحدى اإلشاكيلات املزعومة عن آباء ما قبل نيقية‬ ‫إعداد‬ ‫اعدل زكري‬ ‫‪1‬‬ ‫مقدمة‬ ‫يعتمد ابلعض ممن حياربون العقيدة املسيحية ىلع بعض أقوال آباء ما قبل‬ ‫نيقية‪ ،‬وباألخص اآلباء الرسويلني واملدافعني‪ ،‬اليت تفيد بأن االبن مولود‬ ‫”بإرادة“ اآلب‪ ،‬يلبنوا ىلع ذلك أن اتلقليد الكنيس قبل نيقية يشء‪ ،‬وبعد‬ ‫نيقية يشء آخر‪ .‬بل يقفزون إىل األمام أكرث زاعمني إن تعليم آباء ما قبل‬ ‫نيقية هو مطابق تلعليم آريوس وليس أثناسيوس! وأن فكرة والدة االبن بإرادة‬ ‫ً‬ ‫اآلب جتعله بالرضورة أدىن من اآلب‪ ،‬بل وجتعله خملوقا غري أزيل‪ .‬لكن يف‬ ‫هذا ابلحث أحاول أن استعرض فكرة الوالدة باإلرادة‪ /‬أم بالطبيعة بمزيد من‬ ‫اتلفصيل حىت يتسىن للمدافعني من غري املسيحيني أن يصقلوا ُحججهم يف‬ ‫ضوء املعلومات اليت سوف أوردها هنا‪.‬‬ ‫بعض أقوال اآلباء الرسويلني واملدافعني‬ ‫أغناطيوس يف الرسالة إىل سمرينا ‪ 1 :1‬عن املسيح أنه ”ابن اهلل‪ ،‬حسب مشيئة‬ ‫وقوة اهلل“‪ 1.‬يوستني الشهيد يقول عن االبن ”هو يصنع إرادة اآلب ألنه ودل‬ ‫ً‬ ‫بإرادة اآلب“ (احلوار مع تريفو ‪ .)61‬ثيؤفيلوس األنطايك أيضا يقول‪” :‬عندما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أراد اهلل أن خيلق ما سبق وخطط هل ودل لكمته اللوغوس‪ ،‬جاعال إياه فاعال يف‬ ‫اخلارج“ (إىل أوتويلكوس ‪ .)22 :2‬نفس اليشء ترتليان يقول‪” :‬بمجرد أن ُ ر ‪฀‬‬ ‫س‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫اهلل أن خيرج املوجودات الك يف جوهره وصورته اليت سبق وخطط ورتب هلا‬ ‫ً‬ ‫داخل ذاته‪ ،‬باالتصال مع عقل ولكمة حكمته‪ ،‬أخرج لكمته نفسها أوال‪ ،‬إذ‬ ‫يملك بداخل ذاته عقله وحكمته غري القابلني لالنفصال عنه‪ ،‬حىت أن لك‬ ‫‪1‬‬ ‫احلاشية رقم ‪ 124‬صفحة ‪ 361‬من كتاب اآلباء الرسويلون‪ ،‬إصدار بناريون تقول إن اآلباء اختلفوا مع القديس أغناطيوس يف‬ ‫هذه املسألة‪ ،‬وهو ما يستغله مؤلف كتاب ”نقد اتلقليد الكنيس“ حممد هنداوي األزهري‪ ،‬صفحة ‪ .120 -119‬كما يعيب ىلع‬ ‫أجمد بشارة عدم اكرتاثه بهذه املسألة يف نفس الكتاب صفحة ‪.137‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األشياء تصنع به أي من خالل من قد سبق وخطط هلم وأعدهم‪ ،‬بالفعل‬ ‫خلقهم بالفعل بالكيفية اليت وجدوا بها يف عقل اهلل وفكره“ (ضد‬ ‫براكسياس ‪ .)6‬وهيبويلتوس الروماين يقول عندما تصور اهلل العالم يف فكره‬ ‫”أراد ونطق اللكمة“ (ضد هرطقة نوئيتوس ‪ .)10‬ويف نفس الكتاب يقول إن‬ ‫اللكمة ”ودله اهلل اآلب بمرسته الصاحلة كيفما شاء“ (‪.)16‬‬ ‫نأيت إىل العالمة أورجيانوس‪ ،‬اذلي يعلمنا ملاذا قال اآلباء املدافعني بأن االبن‬ ‫مولود باإلرادة‪ ،‬وبأي معىن نفهم هذا‪ .‬يقول أورجيانوس‪:‬‬ ‫ألن اهلل اآلب غري منقسم وغري منفصل عن االبن‪ ،‬فليس عن طريق‬ ‫الصدور ‪ emanation‬منه‪ ،‬كما يفرتض ابلعض‪ ،‬قد ودل االبن‪ .‬ألنه إذا اكن‬ ‫ً‬ ‫صدورا من اآلب‪ ،‬وكما يقال إن هذا الصدور يشري إىل والدة من‬ ‫االبن‬ ‫فحينئذ فالك من اذلي‬ ‫انلوع املعتاد يف حالة ذرية احليوانات أو البرش‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أصدر والصادر هما بالرضورة جسمان‪ .‬ألننا ال نقول مثلما يفرتض‬ ‫جزءا من اهلل قد ّ‬ ‫ً‬ ‫حتول إىل االبن‪ ،‬وال أن االبن قد ودل من‬ ‫اهلراطقة بأن‬ ‫اآلب من العدم‪ ،‬بمعىن من خارج جوهره‪ ،‬حبيث يوجد ”وقت“ لم يكن‬ ‫ً‬ ‫فيه االبن موجودا‪ .‬لكننا إذ نقىص عنا لك املعاين اجلسمانية‪ ،‬نقول إن اللكمة‬ ‫واحلكمة قد ودل من اهلل غري املنظور وغري املتجسم بدون أي انفعال‬ ‫جسدي ‪ ،passio‬كفعل من اإلرادة ‪ voluntas‬يصدر عن العقل‪ .‬ولن يبدو‬ ‫من العبث إذا اعتربنا أنه بهذه الطريقة هو ابن إرادته ً‬ ‫أيضا لكونه ُديع ابن‬ ‫املحبة‪( .‬املبادئ ‪.)1 :4 :4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫يعلق ولفسون‪ 3‬ىلع هذا انلص املهم ألورجيانوس‪ ،‬ويقول إن أورجيانوس ينيف‬ ‫عن الوالدة أن تكون ىلع مثال احليوانات أو البرش‪ ،‬أو حىت ىلع مثال اخلليقة‬ ‫‪2‬‬ ‫ترمجيت عن الرتمجة اإلجنلزيية اليت قدمها الالهويت جون بري‪ ،‬إصدار أكسفورد‪ ،‬املجدل ‪ ،2‬ص ‪.563‬‬ ‫‪Wolfson, The Philosophy of The Church Fathers, p. 225- 226.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫اليت جاءت من العدم‪ .‬ألن أورجيانوس يتعرب هذا وذاك يؤديان إىل وجود‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫متصور عن اهلل االبن‪.‬‬ ‫”وقت“ لم يكن فيه االبن موجودا‪ ،‬وهذا غري‬ ‫ومع ذلك يتبع أورجيانوس فيلون السكندري ولك اآلباء الرسويلني واملدافعني‬ ‫من قبله القائلني بوالدة االبن باإلرادة‪ .‬لكن يف مقاومته للغنوصيني حياول‬ ‫ً‬ ‫أورجيانوس أن يثبت أن اإلرادة هنا املتعلقة بوالدة االبن ليست انفعاال‬ ‫جسديًا كما حيدث عند البرش أو احليوانات‪ ،‬وإنما كفعل صادر عن العقل‪.‬‬ ‫يعلق ولفسون ً‬ ‫أيضا بأن ما حياول أورجيانوس أن يفعله هنا هو اتلميزي بني‬ ‫اإلرادة البرشية واإلرادة اإلهلية‪ ،‬فاألوىل تتضمن عنرص االنفعال‪ ،‬أي امليل‬ ‫والرغبة‪ ،‬وهما يعربان عن انلقص واالحتياج‪ .‬وباتلايل فلك عمل لإلرادة‬ ‫البرشية هل بداية وهل نهاية‪ .‬وهذا امليل والرغبة وما يصاحبهما من نقص‬ ‫واحتياج ال وجود هلم يف حالة اإلرادة اإلهلية‪ .‬ألن اإلرادة يف نظر ولفسون كما‬ ‫يفهم من الكم أورجيانوس يه عمل للعقل املحض والفكر املحض والصالح‬ ‫املحض‪ ،‬ولكهم متطابقون يف حالة اجلوهر اإلليه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كذلك ختتلف اإلرادة البرشية عن اإلهلية بأن اإلهلية يمكن أن تؤدي فعال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودائما كما يف حالة والدة اللوغوس‪.‬‬ ‫هل بداية ونهاية مثل اخللق‪ ،‬أو فعال أزيلًا‬ ‫ً‬ ‫حبسب ولفسون البد أن هذا الفهم اكن مألوفا دلى لك اآلباء السابقني اذلين‬ ‫ً‬ ‫مجيعا اكنوا يدركون هذا االختالف بني‬ ‫حتدثوا عن والدة االبن باإلرادة‪ .‬وأنهم‬ ‫اإلرادة البرشية واإلهلية‪.‬‬ ‫ثم يناقش ولفسون فكرة أخرى ويه ملاذا لم يتبع أورجيانوس أستاذه أمونيوس‬ ‫سقاس اذلي قال إن الواحد يدل انلوس ‪ Nous‬بدون إرادة (اتلاسواعت ‪:1 :5‬‬ ‫‪)6‬؟ وإجابة أورجيانوس أنه بعدما قال إن والدة االبن يه باإلرادة أو كفعل‬ ‫صادر عن العقل يقول‪” :‬ولن يبدو من العبث إذا اعتربنا أنه بهذه الطريقة هو‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ابن إرادته (اآلب) أيضا لكونه ديع ابن املحبة“‪ .‬وهو يشري إىل كو‪ 13 :1‬عن‬ ‫‪4‬‬ ‫ً‬ ‫أن االبن هو ابن حمبته (أي اآلب)‪ .‬وهنا إشارة أيضا إىل فكرة رواقية تقول‬ ‫بإن املحبة يه نوع من اإلرادة‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ً‬ ‫يلخص ولفسون ما يريد أن يقوهل أورجيانوس هنا يف عبارة بليغة قائال‪” :‬ال‬ ‫ينبيغ ىلع املرء أن يصف الوالدة األزيلة للوغوس ىلع أنها عمل من أعمال‬ ‫اإلرادة حبسب املعىن اتلقن اخلالص ملصطلح اإلرادة كما هو ُمستخدم من‬ ‫قبل الفالسفة‪ ،‬لكن حبسب ما يصف الكتاب املقدس اللوغوس ىلع أنه "ابن‬ ‫املحبة"‪ .‬وحبسب ما يعرف الرواقيون املحبة كنوع من اإلرادة‪ ،‬يسوغ للمرء أن‬ ‫يصف والدة اللوغوس كعمل من أعمال اإلرادة“‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ذللك حبسب ولفسون لم جيد أيريناؤس وال أورجيانوس أنفسهما مضطرين‬ ‫للتخيل عن وصف والدة االبن باإلرادة‪ ،‬ولم خيش أي منهما أن هذا قد يُفهم‬ ‫ىلع أنه ”نظرية ذات مرحلتني“‪ .‬ولم يصف أي منهما اتلعليم بانلظرية ذات‬ ‫املرحلتني ىلع أنه هرطقة‪ .‬لكن الفكرة استغلها آريوس أسوأ استغالل‪ ،‬فبدأ‬ ‫التشكك يف الفكرة أو باألحرى بدت هناك رضورة يف تفصيل الفكرة‬ ‫ً‬ ‫للوقوف ىلع املقصود منها حتديدا‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ما زنلا مع الفكرة يف مراحل تكشفها‪ .‬اكن القديس أثناسيوس يعرف بالطبع‬ ‫أن اآلباء استخدموا فكرة الوالدة باإلرادة من قبله‪ ،‬ويعرفنا بأن صاحب هذه‬ ‫الفكرة هو بطليموس من أتباع فانلتينوس‪ 6.‬ويدعم نفس الفكر أسترييوس‬ ‫‪4‬‬ ‫”حتت اإلرادة‪ ...‬تندرج انلية احلسنة ‪ ،eunoia‬واألرحيية ‪ ،eumeneia‬والعاطفة ‪ ،aspasmos‬واملحبة ‪“...agapesis‬‬ ‫انظر حياة مشاهري الفالسفة –ديوجنيس الالئريت (‪ :7‬فقرة ‪ ،)116‬اجلزء اثلاين‪ ،‬ترمجة إمام عبد الفتاح‪ ،‬املركز القويم للرتمجة‪،‬‬ ‫ص ‪.196‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪Wolfson, Philosophy of Church Fathers, p 227.‬‬ ‫ق أثناسيوس السكندري‪ ،‬ضد األريوسيني‪ ،‬ترمجة املركز األرثوذكيس‪ ،‬مقالة ‪ ،59 :30 :3‬ص ‪.376‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫السفسطايئ واذلي قال بأن لك يشء ينتج عن إرادة اهلل‪ ،‬سواء اكن هذا اليشء‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪7‬‬ ‫مولودا أو خملوقا‪.‬‬ ‫يضع القديس أثناسيوس تعبري ”باإلرادة“ يف مقابل تعبري ”بالطبيعة“‪ 8،‬فيقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫”اإلنسان بواسطة اإلرادة يبن بيتًا‪ ،‬لكنه بالطبيعة يدل ابنا‪ .‬وما يُبىن باإلرادة هل‬ ‫بداية للوجود‪ ،‬وهو خارج عن الصانع‪ .‬لكن االبن هو مولود حقييق من جوهر‬ ‫ً‬ ‫خارجا عنه“‪ 9.‬ويف موضع آخر يقول‪” :‬اخلليقة يه من خارج‬ ‫األب وليس‬ ‫اخلالق‪ ..‬يف حني أن االبن هو املولود احلقييق من اجلوهر‪ .‬وباتلايل ليس هناك‬ ‫حاجة للمخلوق أن يوجد ً‬ ‫دائما‪ ،‬ألن اخلالق خيلقه وقتما يشاء‪ .‬لكن املولود‬ ‫ً‬ ‫خاضعا لإلرادة‪ ،‬لكنه خاص باجلوهر“‪.‬‬ ‫ليس‬ ‫‪10‬‬ ‫يعلق ولفسون ىلع هذين انلصني ويؤكد أن أثناسيوس ال يقارن أفعال اهلل‬ ‫بوجه اعم أمام أفعال اإلنسان بوجه اعم‪ .‬ألن اهلل يفعل باإلرادة كما يف اخللق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫واإلنسان يفعل بالطبيعة كما يف والدة األبناء‪ .‬وال يقارن أثناسيوس أيضا بهذا‬ ‫بني فعل أزيل وفعل زمن‪ ،‬ألن الفعل بالطبيعة يمكن أن يكون غري أزيل‬ ‫كما يف حالة والدة ابن برشي من أب برشي‪ .‬وإنما اتلفرقة اليت يقصدها‬ ‫أثناسيوس يه بني ما يأيت من جوهر الفاعل نفسه ( ‪substance of the‬‬ ‫‪ )agent himself‬وما ال يأيت من جوهر الفاعل نفسه‪.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ق أثناسيوس‪ ،‬ضد األريوسيني‪ ،‬مقالة ‪ ،60 :30 :3‬ص ‪.377‬‬ ‫‪ 8‬يقول ق أثناسيوس يف املقالة اثلانية من كتاب ”ضد األريوسيني“ بأن هناك ً‬ ‫شيئا أىلع من املشيئة وهو الطبيعة اخلصبة‪ .‬وقد‬ ‫ً‬ ‫اعتمد ىلع فكرة طبيعة اآلب اخلصبة الولودة‪ ،‬واآلب اذلي لم يكن ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ينبواع جافا‪ ،‬يلؤكد أن االبن هو ثمرة اآلب‬ ‫عقيما أو‬ ‫أبدا‬ ‫ً‬ ‫خارجا عنه‪ .‬لكنه يف ذات الوقت يؤكد ىلع أن االبن نفسه هو ”إرادة‬ ‫ومولود اآلب‪ ،‬اذلي ودل فيه يف مقابل اخلليقة اليت أوجدت‬ ‫اهلل احلية“‪( .‬ضد األريوسيني ‪.2 :14 :2‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ضد األريوسيني ‪ 62 :3‬ترمجيت‪.‬‬ ‫ضد األريوسيني ‪ 29 :1‬ترمجيت‪.‬‬ ‫‪Wolfson, p. 228.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪11‬‬ ‫لكن السؤال هنا‪ :‬إذا اكن اخللق باإلرادة ال جيعل اخلليقة أزيلة‪ ،‬فلماذا جتعل‬ ‫الوالدة باإلرادة االبن أزيلًا؟ اإلجابة حبسب ولفسون أن أثناسيوس مثل‬ ‫أورجيانوس يعلم أن إرادة اهلل يمكن أن ”تنشئ“ شيئًا أزيلًا‪ ،‬كوالدة االبن‪،‬‬ ‫وشيئًا غري أزيل اكخلليقة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫املهم أن ق أثناسيوس بعد رفضه لوالدة االبن باإلرادة يعود ويستدرك أيضا بأن‬ ‫ً‬ ‫هذه الوالدة ليس بدون إرادة اآلب وليست ىلع عكس إرادته‪ .‬فإنه يؤكد أيضا‬ ‫ىلع أن االبن هو نفسه مشيئة أو إرادة اآلب احلية‪ 12.‬وأن االبن هو موضع‬ ‫مرسة اآلب ُ‬ ‫وحبه‪ ،‬ويبدو هنا الالكم قريبًا من الكم أورجيانوس ىلع أن املحبة‬ ‫يه نوع من اإلرادة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يقول ق أثناسيوس‪” :‬فال يقدم أحد مع فانلتينوس من اآلن فصاعدا مشيئة‬ ‫(إرادة) سابقة وال يُقحم أحد نفسه باستخدام هذه املشيئة يف الوسط بني‬ ‫اآلب الوحيد واللكمة الوحيد‪ ،‬ألنه من اجلنون أن توضع املشيئة والرأي بني‬ ‫اآلب واالبن“‪ 13.‬يتضح جليًا هنا أن ما يرفضه ق أثناسيوس هو فكرة اإلرادة‬ ‫ً‬ ‫السابقة زمنيًا‪ ،‬واليت تتضمن ”ميال يف اجتاهني‪ ،‬حىت يمكن للمرء أن يفرتض‬ ‫أن اآلب اكن يستطيع حىت أن ال يريد وجود االبن“‪ ،‬ولكن هذا ال يعن أن‬ ‫والدة االبن فيها إجبار أو إراغم ىلع اآلب‪ .‬وباتلايل حىت وإن اكن ق أثناسيوس‬ ‫يضع اخلليقة اليت وجدت بإرادة اآلب يف مقابل االبن اذلي وجد من جوهره‪،‬‬ ‫إال أنه يستدرك ىلع ذلك بأن هذا ال يعن أن االبن يودل بدون إرادة اآلب أو‬ ‫بعكس إرادة اآلب‪.‬‬ ‫يسري ق كريلس السكندري ىلع نفس خطى ق أثناسيوس تقريبًا ويرشح هذه‬ ‫املسألة تفصيليًا يف كتابه ”الكنوز يف اثلالوث“ ويف املقالة ‪ ،7‬اليت تبدأ بعرض‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.381‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.385‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ُ‬ ‫ُحجة اهلراطقة اليت تقول إن اكن االبن ودل دون إرادة اآلب فقد أرغم اآلب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وإذا ودل بإرادته ”فقد تطلب هذا‬ ‫تفكريا مسبقا‪ ،‬وباتلايل فإن اآلب يوجد قبل‬ ‫االبن بسبب إرادته اليت توسطت قبل الوالدة“‪ 14.‬وحياجج ق كريلس اكآليت‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ -1‬االبن قيل عنه أنه اكئن‪ ،‬ولم تذكر عنه آيات تفيد بتفكري مسبق يف‬ ‫والدته كما حدث يف حالة املخلوقات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -2‬االبن هو حكمة اهلل وقوة اهلل وهو اذلي تتم به إرادة اهلل أصال‪،‬‬ ‫فكيف صار هو بإرادة اآلب‪ .‬االبن هو نفسه مشورة اآلب‪.‬‬ ‫‪ -3‬لو اكن اآلب قد ودل االبن باإلرادة تلطلب هذا حكمة أخرى (يف‬ ‫اآلب) غري االبن‪ .‬وال يوجد سوى لكمة وحكمة وابن واحد وليس‬ ‫اثنني‪.‬‬ ‫‪ -4‬يفرس ق كريلس ”اكن“ يف ”يف ابلدء اكن اللكمة“ بمعىن أنه اكئن‬ ‫ً‬ ‫بالفعل‪ ،‬وليس بمعىن ”صار موجودا“‪ ،‬وباتلايل الكم اهلراطقة خيالف‬ ‫ق يوحنا‪.‬‬ ‫‪ -5‬االبن هو خالق ادلهور‪ ،‬وال زمن قبل والدته‪.‬‬ ‫‪ -6‬ولو اكن االبن بغري إرادة اآلب‪ ،‬فمن هو أعظم منه يلجربه ىلع ذلك؟‬ ‫‪ -7‬ثم يسأل ق كريلس اهلراطقة هل اهلل صالح وقدوس بإرادته أم بدون‬ ‫إرادته؟ فلو اكن بإرادته فبحسب منطقهم اهلل ليس صاحلًا ً‬ ‫دائما‪ ،‬ولو‬ ‫اكن بغري إرداته فمن أرغمه‪ .‬نفس اليشء ينطبق ىلع والدته االبن‪.‬‬ ‫‪ -8‬يقول‪” :‬األمور اليت تصري بالطبيعة ال تسبقها إرادة تفكري‪ ،‬لكن‬ ‫هذه اإلرادة تتدخل فقط بالنسبة لألمور اليت تقع خارج جوهر ذاك‬ ‫اذلي فكر يف أن يفعلها“‪ .‬صناعة سفينة يسبقها فكر‪ ،‬والدة ابن ال‬ ‫‪14‬‬ ‫ق كريلس السكندري‪ ،‬الكنوز يف اثلالوث‪ ،‬املقالة ‪ ،7‬ترمجة د جورج عوض‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪8‬‬ ‫يسبقها فكر‪ .‬وبناء ىلع ذلك يستنتج‪ :‬اآلب ”ال يدل االبن بإرادته بل‬ ‫حبسب الطبيعة“‪.‬‬ ‫‪ -9‬اآلب نفسه اكئن بدون إرادة مسبقة‪ ،‬كذلك االبن‪.‬‬ ‫‪” -10‬االبن لم يرص بإرادة اآلب‪ ،‬مثل املخلوقات‪ ،‬ألنه هو إرادة اآلب‬ ‫احلية واليت خيلق بها اآلب لك يشء“‪.‬‬ ‫‪ -11‬االبن يف اآلب‪ ،‬فأين يمكن أن توجد هذه اإلرادة؟‬ ‫ُ‬ ‫‪ -12‬لو خلق االبن باإلرادة مثل بايق املخلوقات‪ ،‬فكيف خيتلف عنها‬ ‫هذا االختالف الكبري‪ .‬هو الرب واالبن ويه خادمة‪ .‬املخلوقات‬ ‫ّ‬ ‫صارت بإرادة اآلب‪ ،‬أما االبن فهو ذاته إرادة اآلب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -13‬يقول ق كريلس‪” :‬بالرغم من أنه لم يدل االبن من بعد إرادة‪ ،‬فأيضا‬ ‫لم يكن دليه بدون إرادته‪ .‬ألنه يريد االبن وحيبه“‪ 15.‬هنا‬ ‫االستدراك اذلي جيعلنا نقول إنه ”ودل باإلرادة“ بتقييد املعىن‪ ،‬أي‬ ‫ً‬ ‫بنيف اإلرادة إن اكنت سابقة‪ ،‬وإن اكنت تتضمن ميال يف الك‬ ‫االجتاهني‪.‬‬ ‫‪ -14‬يقول ق كريلس‪” :‬ال يمكن أن تكون هناك إرادة بدون لوغوس‬ ‫(لكمة‪ /‬فكر)‪ ،‬ألن اإلرادة عبارة عن اللكمة املخبؤة يف القلب دون‬ ‫أن تظهر‪ ،‬واالبن هو مشورة اآلب ولكمة اآلب“‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪ -15‬انلار تدل احلرارة بالطبيعة‪” ،‬اذلي يأيت من الطبيعة ال يقبل إرادة أو‬ ‫عدم إرادة“‪ .‬ثم يستدرك ”لكنه يدل االبن أزيلًا من ذاته‪ ،‬دون أن‬ ‫تكون لإلرادة أي موضع‪ ،‬بالرغم من أن االبن ليس بدون إرادة‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.94‬‬ ‫‪9‬‬ ‫اآلب‪ ،‬ألن اآلب حيب االبن“‪ 17.‬ويف العبارة األخرية نفس الكم‬ ‫أورجيانوس وق أثناسيوس كما سبق اإلشارة إيله‪.‬‬ ‫‪ -16‬لو قلتم إن اآلب دليه فكر وطبيعة‪ ،‬نسبتم إيله الرتكيب‪ ،‬فريد ق‬ ‫كريلس بأن اآلب دليه خاصية أن يدل بطبيعته‪ ،‬وأن خيلق بواسطة‬ ‫االبن‪ ،‬ومع ذلك فهو غري مركب‪ ..‬وهكذا يف الصفات األخرى‬ ‫الكثرية ال تبطل البساطة‪.‬‬ ‫ويتعرض ً‬ ‫أيضا ق كريلس نلفس املسألة يف كتابه ”احلوار حول اثلالوث“‬ ‫ويرشح حماوره إرميا اإلشاكيلة ىلع لسان اخلصوم بأنه إن قلنا إن الوالدة‬ ‫ً‬ ‫رغما عنه‪ ،‬وآخر أرغمه‪ ،‬أو ”فوئج حبدث لم‬ ‫ليست بإرادة اآلب‪ ،‬تكون‬ ‫يكن يتوقعه“‪ 18،‬وإذا قلنا إنه ودل بإرادة اآلب‪” ،‬فمعىن ذلك أن إرادة اآلب قد‬ ‫سبقت عملية الوالدة“‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫يرفض ق كريلس هذا الالكم ويقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫”نلؤكد أن اآلب لم يكن ً‬ ‫حمروما من ابنه‪ ،‬بل االبن اكئن ً‬ ‫دائما يف‬ ‫يوما‬ ‫ً‬ ‫أبدا آبًا لالبن ً‬ ‫رغما عنه وهذه‬ ‫اآلب األزيل اذلي بال بداية‪ .‬وهو لم يكن‬ ‫أبدا قبل الوالدة‪ .‬وألن إرادة اآلب حكيمة ً‬ ‫اإلرادة ال تنشأ وال تظهر ً‬ ‫جدا‬ ‫ّ‬ ‫واعقلة‪ ،‬فال جيرؤ أحد ىلع أن يديع أن إردة اهلل غري حكيمة أو غري اعقلة‪.‬‬ ‫وهكذا فإن االبن هو حكمة اهلل اآلب وعقله‪ .‬وهكذا فيف االبن توجد لك‬ ‫إرادة اآلب“‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬ ‫ق كريلس السكندري‪ ،‬احلوار حول اثلالوث‪ ،‬ترمجة د جوزيف موريس فلتس‪ ،‬احلوار اثلاين‪ ،‬ص ‪.83‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪.‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.84 ،83‬‬ ‫‪10‬‬ ‫ً‬ ‫يتضح من الالكم السابق ايضا أن ق كريلس ال يرفض اإلرادة بشلك اعم‪ ،‬لكنه‬ ‫يرفض ”اإلرادة السابقة“ وهو ما يؤكد عليه ولفسون ً‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫مرة أخرى يسخف ق كريلس‪ ،‬مثل ق أثناسيوس من قبله‪ُ ،‬حجة هؤالء‬ ‫اخلصوم بتطبيقها ىلع وجود اهلل نفسه هل بإرادته أم بغري إرادته‪ ،‬اخليار اثلاين‬ ‫جيعل ”وجوده اضطراريًا“‪ ،‬واخليار األول جيعل االبن سابق ىلع اآلب؛ ألن‬ ‫االبن هو إرادة اآلب‪ .‬وهو ما يرفضه ق كريلس ألنه يرى أن الوادل ”يسبق“‬ ‫ُ‬ ‫املولود‪ .‬هذه األسبقية تفهم منطقيًا وليس زمنيًا بطبيعة احلال‪ .‬ألن اهلل ليس‬ ‫فيه سابق والحق‪ ،‬فنحن تسنتفذ موارد اللغة‪ ،‬وال نستخدمها باتلطابق‬ ‫‪( univocally‬أو باتلواطؤ كما يقول علم املنطق) بل بمعىن األنالويج‬ ‫‪ .analogical‬وال يمكن تصور أنه يقول ”يسبق“ هنا بمعىن فيه تتابع زمن‪،‬‬ ‫ألنه سبق ورفض فكرة إرادة سابقة ىلع والدة االبن‪.‬‬ ‫كما يطبق ق كريلس األمر نفسه ىلع أفعال أخرى إهلية مثل الرمحة‪ ،‬مثلما‬ ‫فعل من قبل ق أثناسيوس‪ ،‬فعدم اإلرادة جتعله ”خاضع لرضورات“ وتنسب هل‬ ‫”األفعال الالإرادية“‪ .‬أما خيار اإلرادة فيخلق ”مسافة من الزمن يف داخل اهلل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قاطعا‪ .‬ثم‬ ‫نفسه“ قبل أن يقوم بهذه األفعال‪ ،‬وهو ما يرفضه ق كريلس رفضا‬ ‫يستشهد بقول مأثور يقول‪” :‬الطبيعة أرادت وال تبايل بالقوانني“‪ ،‬ثم يقول‬ ‫”فال اإلرادة وال عدم اإلرادة يعوقها“‪ 21.‬ثم يعود ويقول‪” :‬هو وادل بالطبيعة‬ ‫واجلوهر‪ ،‬وما هو طبييع يف الاكئن‪ ،‬ال يكون غري إرادي‪ ،‬ألن طبيعته وإرادته‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫متالزمتان“‪ 22.‬وأيضا ”اهلل اآلب هو آب بطبيعته وهذه يه إرادته أيضا‪ ...‬فاهلل‬ ‫ً‬ ‫صالح وقدوس بطبيعته وإرادته‪ ...‬الوالدة عنده ليست شيئًا الحقا للوجود‪ ،‬ويف‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ً‬ ‫الوقت اذلي نفكر فيه أنه موجود واكئن جيب أن نفكر يف أنه أيضا آب“‪ 23.‬هنا‬ ‫اتضحت الفكرة املهمة أن الطبيعة واإلرادة متالزمتان يف اهلل‪ .‬وباتلايل‬ ‫يمكننا القول بإن االبن مولود من جوهر أو طبيعة اآلب ليس بدون إرادته‪ ،‬أو‬ ‫نقول إنه مولود باإلرادة املالزمة و”املزتامنة“ لطبيعته داخل طبيعته وليس‬ ‫خارج طبيعته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أما غريغوريوس انلييس فيقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ما نريد أن نفعله هو أن نقنع من يقولون بأن اآلب تفكر أوال‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫حتقق أن صار أبًا‪ ،‬وهكذا بهذه الطريقة يثبتون ابلداية املتأخرة‪ .‬حنن‬ ‫نستخدم أية أمثلة قد تكون متاحة نلا نلحول تفكريهم إىل ادلين‬ ‫الصحيح‪ .‬ألن هذا الرباط غري املنقطع (بني اآلب واالبن) ال جيرب إرادة‬ ‫ً‬ ‫رغما عنه من خالل رضورة طبيعية‪،‬‬ ‫اآلب كما لو اكن قد اقتىن االبن‬ ‫وكذلك ً‬ ‫أيضا اإلرادة ال تفصل االبن عن اآلب مثل فاصل يفصل بينهما‪.‬‬ ‫كذلك ال ينبيغ عليهم أن يرفضوا من العقيدة فكرة إرادة الوادل من جهة‬ ‫االبن‪ ،‬كما لو أن رباط الوحدة بني اآلب واالبن قد قيدها‪ ،‬أو احنل هذا‬ ‫ُ‬ ‫الرباط غري القابل لالحنالل عندما نسب فعل الوالدة لإلرادة‪ .‬إنها عالمة‬ ‫طبيعتنا العنيدة واملتمردة أن االمتالك واإلرادة ال يوجدان دلينا يف نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬لكن يف ابلداية نريد أن نملك شيئًا ليس دلينا‪ ،‬وبعد ذلك حنصل‬ ‫ىلع لك ما أردنا احلصول عليه‪.‬‬ ‫لكن يف حالة الطبيعة (اإلهلية) البسيطة ولكية القدرة فإن لك يشء يُدرك‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معا ويف نفس اللحظة‪ ،‬الك من إرادة الصالح وامتالك ما تريد‪ .‬يف الطبيعة‬ ‫األزيلة‪ ،‬الصالح واإلرادة األزيلة يعتربان متحققني ومتحصلني وجوهريني‬ ‫‪23‬‬ ‫نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ً‬ ‫دائما‪ .‬فال تنشأ يف نقطة بداية ما‪ ،‬وال يمكن تصورها بدون ما تريده‪.‬‬ ‫بالنسبة هلل من املستحيل أال توجد اإلرادة الصاحلة‪ ،‬وكذلك من املستحيل‬ ‫أن ما يُراد ال يصاحب القصد؛ إذ ال يوجد سبب يربر أن ما هو حق ال‬ ‫يوجد لآلب أو يعوق امتالكه ملا يريد‪ .‬وذللك ألن اهلل االبن الوحيد هو‬ ‫الصالح بالطبيعة‪ ،‬أو باألحرى هو فوق لك صالح‪ ،‬فالصالح ليس غري‬ ‫مقصود من اآلب‪ ،‬وهذا يثبت بوضوح أن رباط االبن مع اآلب هو غري‬ ‫منقطع ‪ ،immediate‬وكذلك فإن اإلرادة املوجودة إىل األبد يف الطبيعة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصاحلة ال تطرد وال تستثن بهذا الرباط غري القابل لالنفصال‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫هل رأينا الرشح ادلقيق تلالزم اإلرادة مع الطبيعة‪ ،‬والرباط غري املنقطع بني‬ ‫االبن وأبيه‪ ،‬ونصيحة انلييس للخصوم بعدم رفض فكرة اإلرادة يف مسألة‬ ‫والدة االبن‪ .‬والكمه عن أن طبيعتنا البرشية املحدودة وانلاقصة يه ما تتضمن‬ ‫فاصل بني ما ينقصنا ونفكر فيه ووقت امتالكنا هل‪ ،‬لكن هذا األمر غري‬ ‫َّ‬ ‫متصور يف اهلل‪.‬‬ ‫موجود وال‬ ‫ً‬ ‫من اآلباء الكبادوك أيضا‪ ،‬القديس غريغوريوس الزنيانزي‪ ،‬اذلي يتحدث عن‬ ‫نفس األمر يف خطبه الالهوتية الشهرية‪ ،‬واذلي يتحدث عن اهلراطقة اذلين‬ ‫يقولون‪” :‬هل ودل (اآلب) االبن بإرادته أو بغري إرادته؟ ويعتقدون أنهم هكذا‬ ‫يقيدوننا من انلاحيتني‪ ،‬لكنها قيود واهية وهزيلة‪ .‬ويقولون‪ :‬إذا اكن اآلب قد‬ ‫ودل االبن بدون إرادته فهو يكون ً‬ ‫جمربا ىلع أن يدل‪ .‬لكن من ذا اذلي أجربه؟‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وكيف يكون ً‬ ‫إلها ذاك اذلي جيرب (ىلع فعل يشء)؟ وأيضا إذا اكن (اآلب) قد‬ ‫‪Gregory of Nyssa, Contra Eunomium III, part 6, 15- 18, edited by John Leemans and‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪Matthieu Cassin, Brill, p. 155- 156.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫ً‬ ‫فحينئذ سيكون االبن هو ثمرة اإلرادة أي ابنا هلا‪ ،‬وكيف‬ ‫ودل االبن بإرادته‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫‪25‬‬ ‫سيكون إذن مولودا من اآلب“‪.‬‬ ‫الزنيانزي هنا يقول إن اهلراطقة جعلوا لالبن ” ً‬ ‫أما“ ويه اإلرادة! وحىت جييبهم‬ ‫الزنيانزي قال للمعرتض املتخيَّل‪” :‬هل ودلت بإرادة أبيك أم بغري إرادته؟“‬ ‫ً‬ ‫وطبعا يف حالة أنه قال بغري إرادته يكون األب ً‬ ‫جمربا لألسف‪ .‬ويف حالة إنه‬ ‫قال بإرادته يصبح هو ابن لإلرادة وليس ألبيه!‬ ‫كما يؤكد الزنيانزي الفكرة السابقة عن أنه يف اهلل يتطابق فعل الوالدة مع‬ ‫إرادة الوالدة ”بدون أي وسيط“‪ ،‬مثله يف ذلك مثل مسألة وجود اآلب نفسه‪،‬‬ ‫ويه نفس الفكرة اليت قال بعض اآلباء السابقون‪ .‬يقول الزنيانزي ملعارضه‪:‬‬ ‫”هل اآلب هو اهلل بإرادته أم بغري إرادته؟ وليك أجتنب مراوغتك سأسألك‪:‬‬ ‫لو اكن هو اهلل بإرادته فمىت بدأت دليه هذه اإلرادة؟“ ليس –ىلع أية حال‪-‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا لو اكن هو اهلل بغري إرادة منه‪،‬‬ ‫قبل أن يوجد؛ إذ لم يكن شيئًا قبله‪...‬‬ ‫فما اذلي اضطره ذللك؟“‬ ‫‪26‬‬ ‫إذا انتقلنا إىل اآلباء الالتني‪ ،‬سنجد أن نفس اليشء يقوهل هيالري أسقف‬ ‫ً‬ ‫بواتيه‪” :‬اذلي ودل من اجلوهر ودل أيضا بقصده وإرادته‪ ،‬ألن الكمال املطلق‬ ‫جلوهر اهلل املولود من جوهر اهلل خيرج من إرادته وقصده‪ ،‬وليس بطريقة‬ ‫الطبائع املادية“‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫نفس اليشء يقوهل ماريوس فيكتورينوس عن والدة االبن من اآلب ”ليست‬ ‫برضورة الطبيعة ولكن بإرادة عظمة اآلب“‪ 28.‬ويقول إن ”االبن خمتلف عن‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫اخلطب الالهوتية‪ ،‬ترمجة د جوزيف موريس فلتس‪ ،‬إصدار بناريون‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫اخلطب الالهوتية ‪ ،7 :29‬ترمجة د جوزيف موريس فلتس‪ ،‬ص ‪.76‬‬ ‫‪De Synodis, 37.‬‬ ‫‪Adv. Arium I, 31.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫اآلب باعتباره إرادة اآلب‪ .‬ابن اآلب باعتباره إرادة اآلب‪ .‬ألن لك إرادة يه‬ ‫والدة‪ ..‬ذللك هو إرادة اآلب‪ ...‬هذه اإلرادة ذاتها يه ابلنوة‪ .‬ذللك فاذلي دليه‬ ‫اإلرادة هو اآلب‪ .‬واإلرادة نفسها يه االبن‪ .‬واللوغوس هو اإلردة‪ ،‬ذللك‬ ‫فاللوغوس هو االبن“‪ 29.‬العبارات األخرية تتطابق مع تعبري ق أثناسيوس وق‬ ‫كريلس بأن االبن هو ”إرادة اآلب احلية“‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نقرأ للقديس أمربوسيوس أيضا يف كتابه ”رشح اإليمان املسييح“ ما ييل‪:‬‬ ‫وييل ذلك جتديف آخر‪ ،‬واذلي به يسألون ما إذا اكن اآلب قد ودل ابنه من‬ ‫خالل إرادته اخلاصة احلرة أم عن إجبار‪ ،‬وهم يقصدون أننا إن قلنا‪” :‬من‬ ‫خالل إرادته احلرة اخلاصة“‪ ،‬يظهر كما لو كنا نعرتف أن إرادة اآلب قد‬ ‫سبقت الوالدة اإلهلية‪ ،‬وإن أجبنا أنه اكن هناك يشء قد سبق وجود االبن‪،‬‬ ‫فيكون من ثم أن االبن غري مساو لآلب يف األزيلة‪ ،‬أو أن يكون مثل بايق‬ ‫ً‬ ‫اكئنات العالم اكئنًا خملوقا‪ ...‬وإن أجبنا أن اآلب قد ودل ابنه عن إجبار‪،‬‬ ‫فسيبدو أننا ننسب الضعف لآلب‪.‬‬ ‫ولكن يف امليالد األزيل ال توجد حالة سابقة‪ ،‬ال عن إرادة وال عن غري‬ ‫إرادة‪ ،‬ذللك ال أستطيع أن أقول إن اآلب ودل (االبن) حبرية إرادته‪ ،‬وال‬ ‫ً‬ ‫أيضا أنه ودله عن إجبار‪ ،‬ألن الوالدة تعتمد ال ىلع االحتمايلة كما حتددها‬ ‫اإلرادة‪ ،‬بل يه باألحرى خاصة اآلب‪ ،‬ويه خاصية لكيانه الرسي‪ .‬وكما أن‬ ‫اآلب ليس صاحلًا ألنه يريد أن يكون هكذا‪ ،‬وال بسبب أنه جمرب أن‬ ‫يكون هكذا‪ ،‬بل هو فوق هذه األحوال‪ ،‬هو صالح‪ ،‬أي أنه صالح بالطبيعة‬ ‫وهكذا فإن إظهار قوة إيالده بالطبيعة‪ ،‬ال يه عن إرادة وال عن اضطرار‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪Againts Arius IA, 31.‬‬ ‫ق أمربوسيوس‪ ،‬رشح اإليمان املسييح ‪ ،104 -103 :4 :4‬ترمجة د نصيح عبد الشهيد‪ ،‬ص ‪.253‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪29‬‬ ‫نالحظ من الكم ق أمربوسيوس أن هناك بعض اآلباء اذلين ينهون املسألة‬ ‫عند رفض اإلرادة وعدم اإلرادة دون استدراك مثلما فعل ق أثناسيوس وق‬ ‫كريلس‪ ،‬وربما رأوا يف ذلك إنهاء العرتاض اخلصوم اذلين ال يمكن أن‬ ‫ً‬ ‫يتصوروا فعل الوالدة بدون إرادة سابقة عليها‪ .‬ربما من بني هؤالء أيضا ق‬ ‫إبيفانيوس أسقف سالميس حيث يقول‪:‬‬ ‫هل اآلب ودل االبن باإلرادة أم الإراديًا؟‪ ...‬لو قلنا "الإراديًا" فنحن نتهم‬ ‫ّ‬ ‫األلوهة باإلكراه‪ ،‬ولو قلنا "إراديًا" فنحن نسلم بأن اإلرادة وجدت قبل‬ ‫اللكمة‪ ..‬ولو قلنا إنه ودل ال إراديًا‪ ،‬إذا فاأللوهة تكون قد انقادت باضطرار‬ ‫الطبيعة وليس حبرية اإلرادة‪ ،‬لكن ال يوجد يشء من هذا يف اهلل كما‬ ‫تفهمه أيها املختال‪ .‬فإن تلك األمور ليست دلى اهلل‪ .‬ذلا فهو لم يدل إراديًا‬ ‫أو الإراديًا‪ ،‬بل بسمو طبيعته‪ .‬فإن الطبيعة اإلهلية تسمو فوق املشورة‬ ‫وليست خاضعة للزمن وال منقادة باإلكراه‪ .‬ألنه فينا ال يشء يكون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جاهزا ىلع الفور‪ ،‬ألننا كنا يف وقت غري جاهزين‪ .‬ثم تشاورنا أوال بشأن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وسلسا‪ ،‬ولك‬ ‫يشء‪ ،‬ثم ننفذ ما جنريه‪ ..‬لكن مع اهلل لك يشء يكون اكمال‬ ‫األشياء حتققت فيه‪ .‬وهو يدل ال إراديًا وال الإراديصا الاكئن أزيلًا‪ ،‬اللوغوس‬ ‫القدوس اهلل املولود منه‪ ،‬لكن يف طبيعته السامية غري املوصوفة‪.‬‬ ‫‪31‬‬ ‫ً‬ ‫وأخريا نذهب إىل أغسطينوس اذلي يقول بإن أفنوميوس ال يريد أن يؤمن أن‬ ‫االبن مولود من طبيعة وجوهر اآلب‪ ،‬بل باإلرادة ”وهو بهذا يزعم أن اإلرادة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫(اآلب) االبن‪ ،‬اكنت عرضية بالنسبة هلل‪ ،‬وذلك بشلك مشابه ملا‬ ‫اليت ودل بها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حيدث فينا؛ ألننا أحيانا نريد شيئًا لم نكن نريده قبال‪ ،‬كما لو أننا ال نفهم أن‬ ‫‪31‬‬ ‫األنكوراتس ‪ 5 -3 :52‬ترمجيت‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫طبيعتنا متغرية بسبب هذه احلقيقة عينها‪ ،‬وهو أمر حاشا نلا أن نؤمن أنه‬ ‫حيدث يف اهلل“‪.‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ثم يذكر أن‪:‬‬ ‫أحد األشخاص‪ 33‬قدم إجابة ذكية هلرطويق سأهل بمكر‪ :‬هل اهلل ودل ابنه‬ ‫بإرادته أم بغري إرادته‪ ،‬حبيث إذا أجاب "بغري إرادته" يتبع هذا أكرث انلتائج‬ ‫ً‬ ‫عبثا ويه أن اهلل ال حيلة هل‪ .‬ولكن إذا قال "بإرادته" فإنه يستنتج ىلع‬ ‫الفور أنه بهذا يعن أن اللكمة هو االبن ال بالطبيعة بل باإلرادة‪ .‬ولكن‬ ‫حذرا ً‬ ‫ً‬ ‫جدا سأهل يف املقابل هل اهلل اآلب هو اهلل بإرادته‬ ‫هذا الرجل لكونه‬ ‫أم بغري إرادته‪ ،‬حبيث إذا أجاب "بغري إرادته" سيتبع هذا ً‬ ‫أيضا أن اهلل‬ ‫سيكون بال حيلة‪ ،‬وهذه محاقة عظيمة إذا صدقناها عن اهلل‪ .‬لكن إذا قال‬ ‫ً‬ ‫"بإرادته" فإنه جييبه "ذللك فهو أيضا اهلل بإرادته وليس بطبيعته"‪ .‬ماذا تبىق‬ ‫ُ‬ ‫بعد ذلك هلذا اهلرطويق إال أن يصمت‪ ،‬وأن يرى نفسه وقد قيد بسلسلة ال‬ ‫تنكرس بسبب سؤاهل هو؟‬ ‫‪34‬‬ ‫نستخلص من لك ما سبق أن آباء نيقية لم ينادوا بأن والدة االبن يه ضد‬ ‫إرادة اآلب‪ .‬لكن فقط عندما فصل اخلصوم اآلريوسيون بني الطبيعة‬ ‫واإلرادة‪ ،‬فإن اآلباء رفضوا أن تكون والدة االبن باإلرادة بهذا املعىن وبهذا‬ ‫الفصل‪ .‬لكن مىت حافظنا ىلع تالزم ووحدة الطبيعة واإلرادة‪ ،‬فإنهم ال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حرجا يف أن يقولوا إن االبن مولود باإلرادة كما الطبيعة أيضا‪ ،‬ألن‬ ‫جيدون‬ ‫االبن هو موضع مرسة اآلب‪ ،‬وأن اآلب غري خاضع ألية رضورة أو حتمية أو‬ ‫إراغم‪ .‬ويف ضوء هذا جيب أن نفهم ما قاهل اآلباء املدافعني السابقني نليقية عن‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬ ‫ق أغسطينوس‪ ،‬اثلالوث ‪.15‬‬ ‫ىلع األغلب يقصد ق غريغوريوس الزنيانزي‪ ،‬انظر رسالة ‪ 148‬ألغسطينوس حيث يستشهد بالقديس أثناسيوس وشخص‬ ‫يدىع غريغوريوس‪.‬‬ ‫‪34‬‬ ‫ق أغسطينوس‪ ،‬عن اثلالوث ‪ 38 :20 :15‬ترمجيت‪.‬‬ ‫‪17‬‬ ‫والدة االبن باإلرادة‪ ،‬خاصة وهم يكتبون يف خلفية معارضة الغنوصية وما‬ ‫بها من انبثاقات أيونية حتدث حتميًا بالرضورة‪ ،‬فاكن من ابلدييه بالنسبة هلم‬ ‫ُّ‬ ‫أن يؤكدوا ىلع تمتع اهلل اآلب باحلرية‪ ،‬وعدم تصور خضوعه لرضورات‬ ‫طبيعية حتمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومن هذا نفهم أن يف هذه انلقطة حتديدا لم حيدث انقطاع يف اتلقليد اآلبايئ‬ ‫ّ‬ ‫واملفصل‪ .‬وهذا ال‬ ‫مىت فهمنا املقصود من تعبري ”مولود باإلرادة“ بمعناه ادلقيق‬ ‫ً‬ ‫جيعل آريوس امتدادا آلباء ما قبل نيقية ألن املنظومة األريوسية خمتلفة‬ ‫واملشككون يف العقيدة املسيحية يعرفون هذا ً‬ ‫جيدا‪ .‬وكذلك فالوالدة ال تعن‬ ‫اتلدنوية ‪ subordinationism‬بالرضورة‪ ،‬فالودل من جنس وادله‪ 35.‬كما أن‬ ‫العلية ال تعن أن يفقد االبن صفة ”الوجوب اذلايت“ ‪ .Aseity‬ملاذا؟ ألننا‬ ‫نقول إن هذه الوالدة تتم داخل جوهر اهلل األزيل واجب الوجود وليس خارجه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كما نقول إنها والدة أزيلة غري متوقفة‪ ،‬وليست حدثا بدأ يف حلظة ما ثم‬ ‫توقفت‪ .‬هكذا يقول ق كريلس‪” :‬اذلي جترأ ىلع القول بإن اآلب توقف عن‬ ‫ُ‬ ‫أن يدل‪ ،‬سقط يف جريمة جتديف ال حتتمل‪ ،‬ألنه وضع الطبيعة اإلهلية يف ثالثة‬ ‫مواقف متغرية‪ ...‬الواحد‪ :‬قبل الوالدة‪ ،‬واثلاين‪ :‬أثناء الوالدة‪ ،‬واثلالث‪ :‬بعد‬ ‫الوالدة“‪ 36.‬كما يقول يوحنا ادلمشيق‪:‬‬ ‫ال يدل اهلل مثلما يدل اإلنسان‪ ،‬فبما أن اهلل مزنه عن الزمن‪ ،‬وال بدء هل وال‬ ‫ينفعل‪ ،‬وال يسيل‪ ،‬وال جسم هل‪ ،‬وفريد وال نهاية هل‪ ،‬باتلايل تكون والدته‬ ‫بال زمن وبال بدء وال انفعال وال سيالن ‪ flux‬وبدون عالقة‪ .‬ووالدته اليت‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫تتحول‪ ،‬وبال‬ ‫ال تدرك ليس هلا بداية وال نهاية‪ .‬ويه بال بدء ألنها ال‬ ‫‪ 35‬حىت أن اإلمام ابن تيمية يرفض االختاذ ‪ adoptionism‬كما ترفضه املسيحية ً‬ ‫أيضا ألنه يرى ”أن العباد ال يصلح أن‬ ‫شيئا منهم بمزنلة الودل“‪ ،‬ويرفض الوالدة ً‬ ‫يتخذ ً‬ ‫ً‬ ‫أيضا‪ .‬ملاذا؟ ألنه يقول ”إن الودل يكون من جنس وادله ويكون نظريا هل“‬ ‫(راجع كتاب ابن تيمية نقض املنطق‪ ،‬تصحيح حممد حامد الفيق‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ص ‪.)93‬‬ ‫‪36‬‬ ‫الكنوز يف اثلالوث‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪18‬‬ ‫سيالن ألنها ال تنفعل وال جسمية‪ ،‬ويه بال عالقة ألنها ال جسمية؛ وألن‬ ‫اهلل واحد أحد وليس حباجة إىل آخر‪ .‬ويه بال نهاية وال انقطاع ألنها‬ ‫مزنهة عن ابلدء والزمن وانلهاية‪ ،‬وإنما يه ً‬ ‫دائما‪.‬‬ ‫‪37‬‬ ‫ُ‬ ‫كذلك ال جيب أن حت َّمل فكرة العلية ‪ causation‬بفكرة اتلتابع الزمن‪ ،‬ألننا‬ ‫ً‬ ‫نؤكد أن والدة االبن يه فوق الزمن وخارج الزمن وقبل خلق الزمن أيضا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حتما يف الزمن‪ ،‬واملولود منه‬ ‫”ألن اإلنسان بما أن هل بداية وجود فهو يدل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صائرا وخملوقا‪ ،‬بينما اهلل اخلالق ال يدل يف الزمن‪ ،‬وال االبن‬ ‫يكون مثله‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صائرا وخملوقا‪ ،‬بل مثلما هو بال بداية وغري صائر (غري‬ ‫املولود منه يكون‬ ‫ً‬ ‫حادث)‪ ،‬هكذا أيضا اللكمة اذلي أىت من جوهر اآلب‪ ،‬يكون بال بداية وغري‬ ‫ً‬ ‫‪38‬‬ ‫حادث مثله مثل اآلب أيضا“‪.‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬ ‫املئة مقال يف اإليمان األرثوذكيس ‪.8 :1‬‬ ‫ق كريلس‪ ،‬الكنوز يف اثلالوث‪ ،‬املقالة ‪ ،5‬ص ‪.57‬‬ ‫‪19‬‬