Nothing Special   »   [go: up one dir, main page]

Academia.eduAcademia.edu

الرسالة 38 بشأن الفرق بين الجوهر والأقنوم للقديس باسليوس الكبير

1 ‫الرسالة (‪)38‬‬ ‫رسالة القديس باسليوس الكبري‬ ‫إىل أخيه القديس غريغوريوس أسقف نيصص‬ ‫بشأن الفرق بني اجلوهر ‪ οὐσία‬واألقنوم ‪ὑπόστασις‬‬ ‫ترمجة وتقديم‬ ‫اعدل زكري‬ ‫‪2‬‬ ‫مقدمة للمرتجم‬ ‫نسبة وتاريخ كتابة الرسالة‬ ‫هذه الرسالة اهلامة وجدت ضمن أعمال ق غريغوريوس انلييس وقد أرسلها‬ ‫إىل أخيه القديس بطرس من سبسطية‪ .‬ولكن بانلظر إىل مقارنة املخطوطات‬ ‫واألسلوب اللغوي‪ ،‬وبسبب اإلشارة إيلها ف جممع خلقيدونية باعتبارها رسالة‬ ‫للقديس باسليوس (‪379 -330‬م)‪ ،‬فقد عرفت أنها بلاسليوس‪ .‬كتبت الرسالة‬ ‫ف اعم ‪370 /369‬م‪ .‬ف املقابل يقول بعض ادلراسني مؤخرا ومنهم خادل‬ ‫أنطايلوس بأن هناك دالئل كثري تؤكد أن الاكتب هو غريغوريوس انلييس‬ ‫وليس ق باسليوس‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫حتليل مضمون الرسالة‬ ‫يظهر من الفقرة (‪ )1‬من رسالة ق باسليوس أنه يهدف إىل عدم استخدام‬ ‫لكميت جوهر (أوسيا) وأقنوم (هيبوستاسيس) كمرتادفات بنفس املعىن؛ ألننا‬ ‫إذا اعتربنا اهلل أقنوما واحدا أبطلنا اثلالوث‪ ،‬وإذا قلنا بثالثة جواهر أبطلنا‬ ‫وحدانية اهلل‪ .‬ذللك يرشح ق باسليوس ف الفقرة (‪ )2‬أن بعض األسماء (أو‬ ‫املحموالت ‪ )predicates‬تقال عن أكرث من موضوع (‪ ،)subjects‬مثل لكمة‬ ‫”إنسان“ اليت تعرب عن اإلنسانية بشلك اعم‪ ،‬وال تنحرص ف فرد بعينه‪ ،‬فبطرس‬ ‫ليس أكرث ”إنسانية“ من يوحنا‪ ،‬بل يشرتاكن الكهما ف الطبيعة اإلنسانية‬ ‫املشرتكة‪ .‬وهذا ما جيب أن يسىم باجلوهر‪ ،‬وهو ما يقابل ”اجلوهر اثلاين“‬ ‫(‪ )secondary substance‬حبسب مصطلحات أرسطو‪.‬‬ ‫‪Cf. Fotc series, vol 13, Saint Basil Letters, vol 1 (1- 185), trans. Sisiter Agnes Clare Way,‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪with notes by Roy J. Deferrari, p 84. Cf. also Khaled Anatolios, Retrieving Nicaea, (e. edition).‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ثم يقول إن بعض األسماء (أو املحموالت) تصف ف املقابل أفرادا بعينهم‪،‬‬ ‫مثل بولس وسلوانس‪ ..‬إلخ‪ ،‬وهو ما جيب أن يسىم باألقنوم‪ ،‬ويقابل ف‬ ‫مصطلحات أرسطو‪” ،‬اجلوهر األول“ (‪ .)primary substance‬بكلمات‬ ‫أخرى يمكن اعتبار األوسيا مفهوما لكيا (‪ )universal‬ينطبق ىلع كثريين‪،‬‬ ‫بينما األقنوم مفهوما جزئيا (‪ )particular‬ال ينطبق ىلع كثريين بل ىلع أفراد‬ ‫بعينهم‪.‬‬ ‫ولكن برغم أن ق باسليوس يسري باتلوازي مع املصطلحات األرسطية عن‬ ‫اجلوهر األول واثلاين‪ ،‬إال أنه ال يقصد أن يكون الالكم ىلع اهلل اثلالوث‬ ‫القدوس متطابقا ف املعىن عندما نطبقه ىلع املخلوقات؛ فهو يدرك جيدا أن‬ ‫األقانيم ف البرش‪ ،‬برغم تشاركهم ف طبيعة مشرتكة‪ ،‬إال أنهم منفصلون‬ ‫ومتجزأون ومتفاوتون ف أشياء كثرية‪ ،‬لكن اثلالوث القدوس هم جوهر واحد‬ ‫بال انفصال وال افرتاق وال جتزئة‪ .‬اثلالثة أقانيم من البرش هم ‪three men‬‬ ‫لكن األقانيم اثلالثة اإلهلية ليسوا ‪ 2.three gods‬وباتلايل فاألوسيا ف حالة‬ ‫الالكم ىلع اهلل ال تقابل اجلوهر اثلاين عند أرسطو‪ ،‬واذلي يأيت بمعىن انلوع‪ /‬أو‬ ‫اجلنس؛ ألن اهلل ليس هل جنس‪ 3.‬فالقديس باسليوس يستخدم هذا اتلميزي‬ ‫األرسطي لكنه يتجاوزه وال جيعله متطابقا ف حالة الالكم عن اهلل‪.‬‬ ‫وهذا ما يؤكده ف الفقرة (‪ )5‬من الرسالة‪ ،‬إذ يقول‪” :‬اقبل رشيح هذاكوسيلة‬ ‫إيضاح وكظل للحقيقة وليس كحقيقة األمور ف ذاتها‪ .‬ألنه من املستحيل أن‬ ‫ما يالحظ ف األمثلة اتلوضيحية أن يكون قادرا ىلع أن يتطابق بشلك اكمل‬ ‫‪ 2‬هذا ما سيعاجله بووضح ق غريغوريوس انلييس ف رساتله إىل أبالبيوس اليت حتمل عنوان ”ليسوا ثالثة آهلة“ ( ‪On Not‬‬ ‫‪ .“Three Gods‬هذه الرسالة تعترب مكمال للرسالة ‪ 38‬اليت حنن بصددها اآلن‪ .‬وهذا ربما يؤيد أن الرساتلني نلفس الاكتب‪،‬‬ ‫أي غريغوريوس انلييس‪.‬‬ ‫‪Diogenes Allen, Philosophy for Understanding Theology, John Knox Press, 1985, pp. 98-‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪100.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ىلع من هناك إقرار باالحتياج لوسيلة إيضاح هل“‪ .‬ومن ثم فبحسب ق‬ ‫باسليوس‪ ،‬فإن وحدة األفراد اذلين يتشاركون نفس الطبيعة (أو اجلوهر) يه ف‬ ‫أفضل األحوال أمثولة ‪ analogy‬أو تشبيها يقاس عليه بشلك جزيئ وحدة‬ ‫األقانيم اإلهلية‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫يتحدث ق باسليوس عن نفس الفكرة ف رسالة هل برقم ‪ 236‬قائال‪:‬‬ ‫االختالف بني ”اجلوهر“ و”األقنوم‪ /‬الشخص“ هو نفس االختالف بني‬ ‫العام واخلاص‪ ،‬تماما مثل االختالف بني الاكئن اليح وهذا اإلنسان أو ذاك‪.‬‬ ‫هلذا السبب حنن نعرتف جبوهر واحد ف األلوهة حبيث ال نعطي رشحا خمتلفا‬ ‫تلعريف ”الوجود“‪ ،‬وإنما نعرتف بأقنوم اذلي هو فرد حبيث ال يشوش املفهوم‬ ‫اخلاص باآلب واالبن والروح القدس ويتضح نلا‪ .‬ألنه إذا لم نراع السمات‬ ‫املحددة للك منهم‪ ،‬مثل األبوة وابلنوة والقداسة‪ ،‬بل نعرتف باهلل من املنظور‬ ‫العام للوجود‪ ،‬فمن املستحيل أن نقدم رشحا سليما إليماننا‪ .‬ومن ثم من‬ ‫الرضوري أن نضيف اخلاص إىل العام‪ ،‬وباتلايل نقر بإيماننا‪ :‬األلوهة مشرتكة‪،‬‬ ‫واألبوة متفردة‪ ،‬وبالربط بينهما البد أن نقول‪” :‬أؤمن باهلل اآلب“‪ .‬مرة‬ ‫أخرى ف االعرتاف باالبن البد أن نفعل نفس اليشء‪ ،‬أي نربط اخلاص‬ ‫بالعام ونقول‪” :‬أؤمن باهلل االبن“‪ .‬وكذلك أيضا ف حالة الروح القدس‪ ،‬إذ‬ ‫نصيغ ألفاظنا باتفاق مع اإلعالن‪ ،‬البد أن نقول‪” :‬أؤمن أيضا بالروح‬ ‫القدس اإلليه“‪ ،‬حبيث ف اللك حتفظ لك من الوحدانية ف االعرتاف باأللوهة‬ ‫الواحدة ويعرتف بتفرد األقانيم ف الفصل بني السمات املمزية (اتلخصيصية)‬ ‫للك منهم‪ .‬لكن من يقولون إن اجلوهر واألقنوم (‪ )hypostasis‬هما نفس‬ ‫اليشء جمربون ىلع االعرتاف بأشخاص (‪ )prosopa‬خمتلفني‪ .‬ويف جتنبهم‬ ‫لالعرتاف بثالثة أقانيم (‪ )hypostaseis‬فلن يفلتوا من رش سابليوس‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫وأيضا ف رسالة هل برقم ‪ 214‬يقول‪:‬‬ ‫‪Ibid., p 99.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪Saint Basil Letters, vol 2 (186- 368), Fotc 28, p 171.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪5‬‬ ‫وإذا اكن لزاما علينا أن نقول رأينا بإجياز سنقول هذا‪ :‬أن اجلوهر (األوسيا)‬ ‫ف عالقته باألقنوم (هيبوستاسيس) هو كمثل عالقة العام باخلاص‪ .‬لك منا‬ ‫يتشارك ف الوجود باملعىن العام للجوهر‪ ،‬وهو كذا وكذا‪ ،‬أو كذا وكذا من‬ ‫خالهل صفاته اتلخصيصية‪ .‬وهكذا هنا أيضا معىن اجلوهر مشرتك‪ ،‬كما ف‬ ‫لكمة ”صالح“ أو ”ألوهة“‪ ،‬أو أي يشء آخر يمكن تصوره‪ ،‬لكن األقنوم‪/‬‬ ‫الشخص يدرك ف اخلواص املمزية لألبوة أو ابلنوة أو القوة املقدسة‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫هذا الرشح جنده عند ق كريلس (‪444 -376‬م) ف كتابه ”احلوار حول‬ ‫اثلالوث“‪:‬‬ ‫حنن نعرف اإلنسان بأنه ”يح وناطق وفاين“ وهذا هو اتلعريف املناسب هل‪،‬‬ ‫وحنن نقول إن هذا يعرب عن جوهره‪ ،‬وهذا اتلعريف ينطبق ىلع لك األفراد‬ ‫فردا فردا‪ ،‬وهنا جيد لك من توما ومرقس وبطرس وبولس ماكنهم الصحيح‬ ‫حسب اعتقادي‪ ،‬وهكذا حندد اجلوهر ولكننا ال حندد بعد ماهية األشخاص‬ ‫اذلين نتلكم عنهم بشلك دقيق‪ .‬فحينما نقول ”إنسان“ بشلك اعم فهو ليس‬ ‫بطرس وال بولس‪ ،‬وحينما نقول توما وبطرس فنحن ال خنرج عن حدود ما‬ ‫نسميه باجلوهر الواحد‪ ،‬وهذا ال يقلل من لك منهم ”كإنسان“‪ ،‬فقد أظهرناه‬ ‫موجودا ف أقنومه اخلاص‪ .‬إن اجلوهر ديلل ىلع انلوع‪ ،‬أما األقنوم فهو يطلق‬ ‫ىلع لك واحد ف ذاته‪ ،‬دون أن ننىس أنه يشري أيضا إىل رشكة اجلوهر‪ ،‬ولكن‬ ‫‪7‬‬ ‫دون أن خنلط بني العام واخلاص‪.‬‬ ‫ويف رسالة أخرى برقم ‪ 125‬حياجج ق باسليوس بأن جممع نيقية اكن يدرك‬ ‫الفرق بني املصطلحني‪ .‬فلقد ورد احلرم اتلايل ف مقررات املجمع ”إذا قال أي‬ ‫أحد أن االبن هو من جوهر أو أقنوم خمتلف‪ ،‬فإن الكنيسة اجلامعة الرسويلة‬ ‫حترمه“‪ .‬يقول ق باسليوس أن السابليني فهموا خطأ من هذا احلرم أن اللكمتني‬ ‫‪Ibid., p 102.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪ 7‬ق كريلس الكبري‪ ،‬احلوار حول اثلالوث‪ ،‬ترمجة د جوزيف موريس فلتس‪ ،‬مؤسسة القديس أنطونيوس‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،2014‬ص‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪6‬‬ ‫بمعىن واحد‪ ،‬لكن حبسب ق باسليوس‪ ،‬احلرم ف الواقع لم يقل إن املصطلحني‬ ‫هما نفس اليشء‪ ،‬ويقول اآليت‪:‬‬ ‫إذا اكن املصطلحان يشريان إىل نفس املعىن بعينه‪ ،‬فماذا اكنت احلاجة‬ ‫ذلكرهما بشلك منفصل؟ لكن من الواضح أنه ألن ابلعض أنكر أن االبن‬ ‫من جوهر (أوسيا) اآلب‪ ،‬وآخرون قالوا ليس من جوهر من خمتلف بل من‬ ‫أقنوم آخر‪ ،‬ذللك أدانوا الك املوقفني كغريبني عن رأي الكنيسة‪ .‬ألنه حني‬ ‫أعلن اآلباء عن رأيهم‪ ،‬قالوا إن االبن من جوهر (أوسيا) اآلب‪ ،‬ولم يضيفوا‬ ‫”من األقنوم“‪ .‬وذللك فاجلملة السابقة صيغت كرفض لرأي مغلوط‪ ،‬بينما‬ ‫األخرية تتضمن إعالن عقيدة اخلالص‪ .‬وذللك من الرضوري أن نعرتف أن‬ ‫االبن من نفس اجلوهر اذلي لآلب‪ ،‬كما هو مكتوب‪ ،‬ونعرتف أن اآلب ف‬ ‫أقنومه اخلاص‪ ،‬واالبن ف أقنومه اخلاص‪ ،‬والروح القدس ف أقنومه اخلاص‪،‬‬ ‫كما أعلن اآلباء بوضوح‪ .‬ألنهم بينوا هذا بما يكيف وبوضوح حني قالوا‬ ‫”نور من نور“‪ ،‬أي انلور اذلي ودل وانلور اآلخر اذلي ودل‪ .‬غري أنه نور ونور‪،‬‬ ‫حبيث إن معىن اجلوهر واحد ونفسه‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫لكن ق باسليوس اكن يتشكك نواع ما ف مصطلح برسوبون‪ ،‬ألنه يرى أن‬ ‫سابليوس اكن يقر بوجود ثالثة برسوبون (شخوص) ف اهلل‪ ،‬لكن هذا‬ ‫الربسبون اكن يفتقر إىل الواقع الفعيل‪ ،‬وإنما هو حبسب سابليوس ليس أكرث من‬ ‫قناع أو مظهر‪ .‬يقول هذا املعىن ف رسالة هل برقم (‪” :)210‬ف الواقع ليس اكفيا‬ ‫أن تعدد االختالفات بني األقانيم‪ ،‬بل من الرضوري أن تقر بأن لك شخص‬ ‫(برسوبون) يوجد ف أقنوم (هيبوستاسيس) حقييق“‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫جدير باذلكر أن بعض ادلارسني يقولون إن اتلميزي بني اجلوهر واألقنوم قد‬ ‫بدأ ف األسكندرية قبل أن يبدأ عند اآلباء الكبادوك‪ .‬ينقل األب مىت املسكني‬ ‫عن العالم برستيج ‪ Prestige‬أن العالمة أورجيانوس هو أول من بدأ يمزي املعىن‬ ‫‪Saint Basil Letters, vol 1 (1- 185), Fotc 13, pp. 257- 258.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪Saint Basil Letters, vol 2 (186- 368), Fotc 28, p 93‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ف العالم لكه‪ 10.‬واكن هذا راسخا ف الالهوت السكندري‪ .‬ويفيدنا بأن ق‬ ‫أثناسيوس اكن ف كتاباته املوجهة لألريوسيني وللغرب يقول برتادف املعىن‪ ،‬ألن‬ ‫األريوسيني استغلوا اتلمايز بني األقانيم بشلك سيئ يلخرج عن مفهوم اجلوهر‬ ‫الواحد‪” .‬هكذا بسبب خبث األريوسيني أحجم أثناسيوس ف كتاباته ادلفاعية‬ ‫ضد األريوسيني عن ذكر اهليبوستاسيس‪ ،‬وإن ذكره فهو يردفه مبارشة باألوسيا‬ ‫أي اجلوهر‪ ،‬حىت ال يعطي فرصة لألريوسيني إلساءة استخدام اهليبوستاسيس‬ ‫ف غري معناه األرثوذكيس“‪ 11.‬وذللك يقول العالم برستيج أن اعدة ق أثناسيوس‬ ‫أن يركز ىلع انلقاط ذات األهمية اجلوهرية وأن يتجنب اإلشاكيلات املتعلقة‬ ‫باملصطلحات‪.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫كذلك جدير باذلكر أنه حني حدث خالف ف أنطاكية حول هذين‬ ‫املصطلحني‪ ،‬يذكر ق أثناسيوس ف ”اخلطاب املجميع إىل األنطاكيني“ أنه‬ ‫أجرى حتقيقا‪ ،‬هل من يستخدمون تعبري ”ثالثة هيبوستاسات“ يعنون ‪-‬مثل‬ ‫األريوسيني‪ -‬بأقانيم منفصلة ومنقسمة وغريبة عن بعضها ابلعض أو من‬ ‫جواهر خمتلفة‪ ،‬أو يقصدون أنهم ثالثة مبادئ‪ /‬مصادر‪ ،‬فأنكر هؤالء هذه‬ ‫املعاين املغلوطة‪.‬‬ ‫ثم رجع فأجرى حتقيقيا مع من يقولون بهيبوستاس واحد‪ ،‬وهل يؤمنون‬ ‫باعتقاد سابليوس‪ .‬فأنكروا ذلك وأكدوا أنهم يقولون بوجود هيبوستاس واحد‬ ‫ألن االبن من جوهر اآلب وبسبب تطابق الطبيعة بينهما‪ ،‬وأنه ال توجد طبيعة‬ ‫أخرى لالبن والروح القدس ختتلف عن طبيعة اآلب‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪ 10‬األب مىت املسكني‪ ،‬القديس أثناسيوس‪ :‬حقبة مضيئة ف تاريخ مرص‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪ ،‬دير أيب مقار‪ ،‬ص ‪.422‬‬ ‫‪ 11‬نفس املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬ ‫‪nd‬‬ ‫‪G. L. Prestige, God in Patristic Thought, 2 edition, p 180.‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪ 13‬راجع ابلابا أثناسيوس‪ ،‬اخلطاب املجميع إىل األنطاكيني (طومس إىل األنطاكيني)‪ ،‬ترمجة مينا فرج أمني‪ ،‬كما وردت ف جملة‬ ‫مدرسة األسكندرية عدد ‪ ،33‬أكتوبر ‪ ،2022‬ص ‪.21‬‬ ‫‪8‬‬ ‫ولكن بمساهمة ثمينة من اآلباء الكبادوك تم االتفاق ف الكنيسة اجلامعة‬ ‫لكها‪-‬رشقا وغربا‪ -‬ىلع أن اهلل جوهر واحد ف ثالثة أقانيم‪.‬‬ ‫اعدل زكري‬ ‫يونيو‪2023 ،‬م‬ ‫‪9‬‬ ‫نص الرسالة‬ ‫‪14‬‬ ‫(‪ ) 1‬طاملا أن الكثريين ف الوقت احلايل ممن يتعرضون تلعايلم متعلقة برس‬ ‫اثلالوث ال يمزيون بني ”اجلوهر“ كمصطلح اعم‪ ،‬ولكمة ”أقنوم“‪ ،‬فإنهم يسقطون‬ ‫ف نفس االفرتاض ظانني بأنه لن حيدث أي فرق سواء قالوا ”جوهر“ أو‬ ‫”أقنوم“‪ .‬وهلذا السبب أيضا فإن ابلعض ممن يقبلون مثل هذه اتلعبريات بدون‬ ‫فحص يكتفون باتلحدث عن ”أقنوم واحد“ ف اهلل‪ ،‬مثلما يقولون ”جوهر‬ ‫واحد“‪ .‬وىلع انلقيض من يقرون بثالثة أقانيم يعتقدون أنهم البد وبناء ىلع‬ ‫هذا اإلقرار أن ينادوا أيضا بتقسيم اجلواهر إىل نفس العدد‪ .‬ذللك حىت ال تنقاد‬ ‫إىل قبول ضالالت مماثلة كتبت رشحا قصريا هلذا كتذكرة لك‪ .‬ولإلجياز فإن‬ ‫معىن هذه اللكمات هو اكتلايل‪.‬‬ ‫(‪ ) 2‬بعض األسماء اليت تسيم أشياء متعددة‪ ،‬وأشياء خمتلفة ف العدد‪ 15،‬هلا‬ ‫بشلك أو بآخر داللة اعمة‪ ،‬مثل اسم ”إنسان“‪ .‬ألنه عند قول لكمة ”إنسان“‬ ‫فإن املرء بواسطة االسم يشري إىل طبيعة مشرتكة‪ ،‬لكنه ال يصف بهذه اللكمة‬ ‫إنسانا حمددا‪ ،‬إنسانا معروفا بهذا االسم بشلك خاص‪ .‬ألن ”اإلنسان“ ليس أكرث‬ ‫ف بطرس من أندراوس أو يوحنا أو يعقوب‪ .‬وذللك فالصفة املشرتكة للمشار‬ ‫إيله‪ ،‬إذ إنها تشري باملثل إىل لك اذلين يندرجون حتت نفس االسم‪ ،‬حتتاج إىل‬ ‫توصيف خاص من خالهل نتعرف ليس ىلع اإلنسان بشلك اعم‪ ،‬لكن ىلع‬ ‫بطرس أو يوحنا باتلحديد‪.‬‬ ‫‪ 14‬ترمجت هذه الرسالة عن انلص اإلجنلزيي الوارد ف سلسلة ‪ Fathers of the Church‬جمدل ‪Saint Basil Letters ،13‬‬ ‫)‪ (1- 185‬ترمجة ‪ Sisiter Agnes Clare Way‬وحوايش ‪ Roy J. Deferrari‬والصفحات من ‪ .96 -84‬وباملقارنة مع‬ ‫الرتمجة الواردة ف سلسلة ‪ NPNF‬املجدل ‪ .8‬وباملقارنة أيضا برتمجة عربية أخرى قام بها ابلاحث اإللكرييكي األستاذ مينا‬ ‫سليمان بمعرفة مركز انلور احلقييق لدلراسات القبطية األرثوذكسية‪ ،‬أبريل ‪2018‬م‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫حبسب ترمجة ‪” NPNF‬من بني لك األسماء‪ ،‬معىن بعضها أكرث عمومية‪ ،‬خاصة اليت تكون حمموالت ‪predicated‬‬ ‫ملوضواعت ‪ subjects‬متعددة وخمتلفة عدديا‪ ،‬مثلما ف حالة إنسان“‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫أما بعض األسماء األخرى هلا معىن متخصص أكرث يراىع من خالهل ال‬ ‫الطبيعة املشرتكة ف اليشء املشار إيله بل إىل صفته الفردية‪ ،‬وهذه السمة املمزية‬ ‫ال يشاركها مع أشياء أخرى هلا نفس الطبيعة‪ ،‬مثلما نقول‪ :‬بولس وتيموثاوس‪.‬‬ ‫ألن هذه اللفظة اآلن ال تشري إىل الطبيعة املشرتكة‪ ،‬وإنما بمفارقة ادلاللة‬ ‫اجلمعية ‪ ،‬فإنها تبني من خالل األسماء املستخدمة معىن ألشياء حمددة بعينها‪.‬‬ ‫ومن ثم ف حالة شيئني أو أكرث هلم نفس الطبيعة‪ ،‬مثل بولس وسلوانس‬ ‫وتيموثاوس‪ ،‬عندما نبحث عن اسم جلوهر اإلنسان‪ ،‬فلن يعطى املرء لكمة‬ ‫واحدة للجوهر ف حالة بولس ولكمة أخرى ف حالة سلوانس‪ ،‬وأخرى ف حالة‬ ‫تيموثاوس‪ .‬وإنما فأي لكمات تعرب عن جوهر بولس فإنها ستنطبق بشلك صحيح‬ ‫ىلع اآلخرين‪ .‬وكذلك لك من يسىم بنفس االسم من جهة اجلوهر هم متساوون‬ ‫ف اجلوهر ‪ ὁμοουσιοι‬بعضهم ابلعض‪ 16.‬ولكن بعد أن يتعلم املرء السمات‬ ‫املشرتكة فإنه حني يتوجه بنظره إىل السمات الفردية (اتلخصيصية) واليت من‬ ‫خالهلا يتمايز أحدهم عن اآلخر‪ ،‬فلن يعود االسم املعرف للك منهم يتفق من‬ ‫لك اجلوانب مع تعريف اآلخرين‪ ،‬حىت وإن كنا ف بعض انلقاط املحددة جند‬ ‫هلا طابع مشرتك‪.‬‬ ‫(‪ )3‬ومن ثم هذا هو رشحنا‪ :‬ما يوصف بمعىن حمدد يشار إيله بكلمة‬ ‫شخص (أو أقنوم‪ -‬هيبوستاسيس)‪ .‬ألنه بسبب عدم حتديد مصطلح ”إنسان“‬ ‫فمن يقول ”إنسان“ فقد أدخل من خالل سماعنا فكرة اغمضة‪ ،‬حبيث إنه برغم‬ ‫استعالن الطبيعة من خالل االسم‪ ،‬فإن ما يتقوم ف هذه الطبيعة وما يشار إيله‬ ‫بشلك متخصص لم يرش إيله‪ .‬ىلع اجلانب اآلخر‪ ،‬من يقول ”بولس“ فقد بني‬ ‫الطبيعة املتقومة من اليشء املشار إيله باالسم‪ .‬وذللك فهذا هو ”الشخص“‬ ‫(هيبوستاسيس)‪ ،‬وليس هو الفكرة غري املحددة للجوهر (األوسيا)‪ ،‬اليت ال‬ ‫‪ 16‬حبسب ترمجة ‪” NPNF‬لك ما يوصف بنفس تعريف املاهية أو اجلوهر هلم نفس املاهية أو اجلوهر ‪.“ὁμοουσιοι‬‬ ‫‪11‬‬ ‫ختلق صورة حمددة بسبب عمومية دالتلها‪ ،‬بل هو اذلي من خالل السمات‬ ‫املحددة الواضحة فيه‪ ،‬حيد وخيصص ما هو اعم وغري حمدد ف يشء ما بعينه‪،‬‬ ‫كما حيدث كثريا ف مواضع كثرية ف الكتاب املقدس وخاصة ف سفر أيوب‪ .‬ف‬ ‫بداية قصته يستخدم املصطلح العام ”إنسان“‪ ،‬ثم ىلع الفور حتدد هذه الفكرة‬ ‫بما هو خاص بإضافة ”هذا“‪ 17.‬ومع ذلك بالنسبة لوصف اجلوهر ال يقال يشء‪،‬‬ ‫ألنه ال يساهم بيشء ف املوضوع املقرتح للحديث‪ .‬لكن الالكم عن ”هذا“‬ ‫الرجل باذلات يتمزي بسمات حمددة‪ ،‬مثل احلالة‪ ،‬وصفات الشخصية‪ ،‬والسمات‬ ‫اخلارجية اليت تعمل ىلع تميزيه وفصله عن الفكرة العامة‪ 18.‬وبناء ىلع ذلك‬ ‫بواسطة لك هذه الوسائل‪ :‬أي االسم‪ ،‬واملاكن‪ ،‬والصفات انلفسية اخلاصة‪،‬‬ ‫والسمات اخلارجية اليت ترى فيه‪ ،‬فإنه يتحقق وصف واضح لإلنسان اذلي نقرأ‬ ‫عنه ف القصة‪ .‬ىلع اجلانب اآلخر‪ ،‬لو اكنت القصة تقدم وصفا ملعىن اجلوهر‪ ،‬ملا‬ ‫ورد أي ذكر لألمور السابق ذكرها ف رشح الطبيعة‪ .‬بل اكن الوصف املستخدم‬ ‫سيبىق نفسه كما ف حالة بدلد الشويح وصوفر انلعماين ولك واحد من الرجال‬ ‫املشار إيلهم ف القصة‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫وبناء ىلع هذا‪ ،‬لن ختطئ إذا نقلت للعقائد اإلهلية هذا املبدأ املتعلق‬ ‫باتلميزي بني اجلوهر واألقنوم اذلي أدركته من جهة األمور البرشية‪ .‬أيا اكن ما‬ ‫يويح إيله حكمك‪ ،‬ومهما اكن ما يشري إيله من جهة جوهر اآلب (ألنه من‬ ‫املستحيل أن تفرض أي مفهوم حمدد ىلع اهلل غري املادي بسبب اقتناعنا بأنه‬ ‫فوق لك مفهوم)‪ ،‬فهذا ستتمسك به من جهة االبن وباملثل من جهة الروح‬ ‫القدس‪ .‬ألن مصطلح ”كينونة غري خملوقة وغري مدركة“ هو نفسه باملثل‬ ‫‪ 17‬ف أي ‪ 1 :1‬يقول اكن ”إنسان“ ف أرض عوص اسمه أيوب‪ ،‬ويف انلصف اآلخر من اآلية يقول‪ :‬واكن ”هذا“ اإلنسان اكمال‬ ‫ومستقيما‪ .‬يراىع أن ترمجة فانديك ترتجم ”إنسان“ بكلمة ”رجل“‪.‬‬ ‫‪ 18‬الفكرة العامة هنا يه اإلنسان أو اإلنسانية بمفهومها الواسع‪.‬‬ ‫‪ 19‬قارن أي ‪.11 :2‬‬ ‫‪12‬‬ ‫وبمعىن متطابق من جهة اآلب واالبن والروح القدس‪ .‬ألن أحدهم ليس أكرث‬ ‫من جهة عدم إدراكه وعدم خملوقيته بينما اآلخر أقل‪ .‬لكن طاملا أنه من‬ ‫الرضوري ف حالة اثلالوث أن حتافظ ىلع تمايز واضح (لألقانيم) بواسطة‬ ‫السمات اتلخصيصية‪ ،‬فإننا لن نضم ف حتديد السمات اتلخصيصية ما يالحظ‬ ‫أنه مشرتك‪ ،‬مثل الصفة اليت أذكرها اآلن من جهة كونه غري خملوق أو من جهة‬ ‫كونه فوق لك إدراك‪ ،‬أو ما شابه‪ .‬لكن سنبحث فقط عن السمات اليت سيتمزي‬ ‫بها مفهوم لك منهم بوضوح ودقة عن املفهوم اذلي نتحصله عندما نتأملهم‬ ‫معا‪.‬‬ ‫(‪ ) 4‬ذللك يبدو يل أنه من اجليد أن أتابع انلقاش ىلع هذا انلحو‪ .‬لك يشء‬ ‫صالح يأيت إيلنا من القوة اإلهلية نقول إنه من انلعمة اليت تعمل لك يشء ف اللك‬ ‫كما يقول الرسول‪” :‬لكن هذه لكها يعملها الروح الواحد بعينه‪ ،‬قاسما للك‬ ‫واحد بمفرده‪ ،‬كما يشاء“ (‪1‬كو ‪ .)11 :12‬كذلك عندما نتساءل هل الرباكت‬ ‫الفائضة اليت تعطى للمستحقني مصدرها ف الروح القدس فقط‪ ،‬مرة أخرى‬ ‫يقودنا الكتاب املقدس حنو االعتقاد بأن االبن الوحيد هو مصدر وعلة فيض‬ ‫الرباكت اليت جيلبها فينا الروح القدس‪ .‬ألن الكتاب املقدس يعلمنا أن لك يشء‬ ‫به اكن‪ 20‬ويقوم فيه‪ 21.‬كذلك عندما نرتيق إىل هذا الفكر‪ ،‬مرة أخرى باالنقياد‬ ‫باإلرشاد اإلليه املوىح به‪ ،‬فإننا نتعلم إنه من خالل هذه القوة فإن لك يشء‬ ‫يصري موجودا من الالوجود‪ ،‬لكن هذا ال يتم بهذه القوة بدون مصدر‬ ‫‪ .ἀνάρχως‬ألن هناك قوة قائمة بدون والدة وبدون بداية‪ ،‬ويه مبدأ ملبدأ لك‬ ‫يشء موجود‪ .‬ألن االبن هو من اآلب‪ ،‬ومن خالهل وجد لك يشء‪ ،‬ومعه الروح‬ ‫القدس متصل دائما بال انفصال‪ .‬ف الواقع ليس ممكنا ألحد إذا لم يسترن مسبقا‬ ‫‪ 20‬قارن يو ‪.3 :1‬‬ ‫‪ 21‬قارن كو ‪.17 :1‬‬ ‫‪13‬‬ ‫بالروح القدس أن يصل إىل مفهوم االبن‪ .‬ومن ثم ألن الروح القدس اذلي‬ ‫ينسكب منه لك فيض اإلحسانات ىلع املخلوقات هو مرتبط باالبن اذلي يدرك‬ ‫معه بال انفصال‪ ،‬ووجوده معتمد ىلع اآلب باعتباره املبدأ‪ ،‬واذلي منه أيضا‬ ‫ينبثق‪ ،‬فهذا يكون هل كصفة ممزية تلفرد أقنومه‪ ،‬أقصد أنه يعرف بعد االبن‪،‬‬ ‫‪22‬‬ ‫ومع االبن‪ ،‬وأنه متقوم من اآلب‪.‬‬ ‫ثم االبن اذلي من خالل ذاته وبذاته يعلن الروح القدس اذلي يصدر عن‬ ‫اآلب‪ ،‬واذلي وحده يسطع اكبن وحيد من انلور غري املولود‪ ،‬وال يشرتك مع اآلب‬ ‫أو مع الروح القدس ف أي من الصفات اتلخصيصية اليت يعرف بها االبن‪،‬‬ ‫لكنه وحده يدرك بالصفات اليت ذكرناها للتو‪ .‬كذلك فاهلل العايل هل وحده صفة‬ ‫خاصة ألقنومه يعرف بها‪ ،‬أعين أنه اآلب‪ ،‬وال يتقوم من أي مبدأ آخر‪ .‬ومرة‬ ‫أخرى من خالل هذه الصفة فهو يعرف بشلك متخصص‪ .‬وبناء ىلع هذا نقول‬ ‫إنه ف عمومية اجلوهر نتمسك بالصفات اتلخصيصية اليت تالحظ ف اثلالوث‬ ‫اليت من خالهلا يقدم تفرد األقانيم كما تسلمنا ف اإليمان كصفات خمتلفة وغري‬ ‫مشرتكة‪ ،‬ألن لك أقنوم يدرك بشلك منفصل بصفاته املمزية هل‪ .‬ونتيجة ذللك‬ ‫من خالل الصفات اليت ذكرت للتو‪ ،‬فإننا حنصل ىلع تمايز األقانيم‪ ،‬لكن‬ ‫بالنسبة لصفة الالنهائية‪ ،‬أو عدم قابلية اإلدراك‪ ،‬أو كونهم غري خملوقني‪ ،‬أو‬ ‫كونهم ال حيدون ف ماكن‪ ،‬ويف لك هذه الصفات األخرى‪ ،‬فال يوجد فرق ف‬ ‫الطبيعة املاحنة للحياة ‪-‬أعين ف حالة اآلب وحالة االبن وحالة الروح القدس‪،‬‬ ‫ولكن توجد رشكة ثابتة وغري منقطعة فيهم‪.‬‬ ‫ومن خالل أي أفاكر يتفهم بها املرء عظمة أي من األقانيم اليت نؤمن أنها‬ ‫ف اثلالوث املبارك‪ ،‬فمن خالل نفس األفاكر سيتقدم بدقة ف نفس الطريق‪،‬‬ ‫ناظرا املجد ف اآلب ويف االبن ويف الروح القدس‪ ،‬ألن العقل ال يسري ف فجوة‬ ‫‪ 22‬قارن يو ‪.26 :15‬‬ ‫‪14‬‬ ‫بني اآلب واالبن والروح القدس‪ 23.‬ألنه ال يوجد يشء يقحم نفسه بني هذه‬ ‫األقانيم‪ ،‬وال يشء يتقوم خبالف الطبيعة اإلهلية يقدر أن يفصلها عن ذاتها من‬ ‫خالل إدخال يشء ال ينتيم إيلها‪ ،‬وال يوجد فراغ ناتج عن أي مساحة تفتقر‬ ‫ألقنوم‪ ،‬وجتعل تناغم اجلوهر اإلليه ينشق‪ ،‬ممزقة اتلماسك بإدخال هذا الفراغ‪.‬‬ ‫لكن لك من يفهم اآلب فقد فهمه هو ف ذاته‪ ،‬وقد ضم االبن أيضا ف املفهوم‪.‬‬ ‫ومن قبل االبن فلم يفصل الروح القدس عن االبن‪ ،‬بل بتوال حبسب‬ ‫الرتتيب‪ 24،‬وباحتاد حبسب الطبيعة‪ ،‬فقد تصور نلفسه عقيدته‪ ،‬اليت يه مزيج‬ ‫ف نفس الوقت من األقانيم اثلالثة‪ .‬ومن ذكر الروح القدس فقط فقد قبل معه‬ ‫بهذا االعرتاف من يصدر عنه الروح القدس‪ .‬وإذ أنه روح املسيح‪ 25‬ومن اهلل‬ ‫كما يقول بولس‪ ،‬فكما أن من يمسك أحد طريف سلسلة فإنه يسحب معه‬ ‫الطرف اآلخر أيضا‪ ،‬هكذا من جيتذب الروح القدس كما يقول انليب‪ 26،‬جيتذب‬ ‫من خالهل معه الك من االبن واآلب‪.‬‬ ‫وإذا فهم املرء االبن حقا فإنه سيمسك به من الك اجلانبني‪ ،‬من ناحية‬ ‫سيحرض أبيه معه‪ ،‬ومن الطرف اآلخر روحه‪ .‬ألنه لن يكون ممكنا ملن يوجد‬ ‫أزيلا ف اآلب أن يقطع عن اآلب‪ ،‬وال ملن يعمل لك يشء ف الروح القدس أن‬ ‫ينفصل عن روحه‪ .‬باملثل من يستقبل اآلب فهو يقبل فعليا معه الك من االبن‬ ‫والروح القدس‪ .‬ألنه من املستحيل بأي حال من األحوال أن نفكر ف انفاكك‬ ‫أو تقسيم‪ ،‬حبيث يعترب االبن منعزال عن اآلب‪ ،‬أو الروح القدس منفصال عن‬ ‫االبن‪ .‬وإنما يوجد بينهم احتاد وتمايز غري معرب عنهما وغري مدركني‪ ،‬ألنه ال‬ ‫‪ 23‬ف هذا الشأن يقول ق باسليوس أيضا‪” :‬فالرشكة بني اآلب واالبن تعلن كرشكة أزيلة‪ ،‬بانلظر إىل أن فهمنا يتقدم من االبن‬ ‫إىل اآلب بدون املرور عرب فراغ‪ ،‬ويربط االبن باآلب بدون أي فاصل (زمين) بينهما‪ .‬ألنه ال يفصل االبن عن أبيه أي وسيط“‬ ‫(ضد إفنوميوس ‪ ،12 :2‬ترمجة اعدل زكري‪ ،‬نسخة إلكرتونية)‪.‬‬ ‫‪ 24‬قارن ق باسليوس‪ ،‬ضد إفنوميوس ‪.2 :3‬‬ ‫‪ 25‬قارن رو ‪9 :8‬؛ ‪1‬كو ‪.12 :2‬‬ ‫‪ 26‬قارن مز ‪ 131 :118‬سبعينية‪” ،‬فتحت فيم فاجتذبت روحا“‪.‬‬ ‫‪15‬‬ ‫اختالف األقانيم يفصم تماسك طبيعتهم‪ ،‬وال صفة جوهرهم املشرتكة تبطل‬ ‫السمة اخلاصة لصفاتهم اتلخصيصية‪ .‬لكن ال تتحري إذا قلنا إن نفس اليشء‬ ‫متصل ومنفصل وإذا تصورنا ‪-‬كما ف لغز‪ -‬شيئا غريبا ومدهشا أيضا‪ ،‬أعين‬ ‫انفصاال متحدا واحتادا منفصال‪ .‬ومع ذلك إذا أصغ املرء إىل الرشح بال‬ ‫مشاكسة وبال غطرسة‪ ،‬فمن املمكن أن جيد مثل هذه احلالة ف األشياء اليت‬ ‫تدرك‪.‬‬ ‫(‪ )5‬اقبل رشيح هذاكوسيلة إيضاح وكظل للحقيقة وليس كحقيقة األمور‬ ‫ف ذاتها‪ .‬ألنه من املستحيل أن ما يالحظ ف األمثلة اتلوضيحية أن يكون‬ ‫قادرا ىلع أن يتطابق بشلك اكمل ىلع من هناك إقرار باالحتياج لوسيلة إيضاح‬ ‫هل‪ .‬وباتلايل ملاذا نقول أن ما هو منفصل ويف نفس الوقت متحد يستنتج بواسطة‬ ‫أمثولة ‪ analogy‬من األشياء اليت تظهر حلواسنا؟ ف الربيع‪ ،‬ف مرات كثرية‬ ‫كنت تنظر ملعان القوس ف السحب ‪-‬أعين القوس اذلي اصطلح ىلع تسميته‬ ‫”قوس قزح“‪ .‬املختربون ف هذه األمور يقولون إنه يتشلك من حني آلخر عندما‬ ‫تمزتج بعض الرطوبة مع اهلواء‪ .‬فقوة الريح تضغط األخبرة الرطبة والكثيفة اليت‬ ‫أصبحت بالفعل غيوما وحتوهلا إىل مطر‪ .‬ويقولون إن قوس قزح يتشلك بهذه‬ ‫الطريقة‪ :‬عندما يتسلل شعاع الشمس بزاوية مائلة خالل كتلة السحب‬ ‫املنضغطة واملعتمة فإنه يثبت دائرته رأسيا ىلع بعض السحب‪ ،‬فينتج عن ذلك‬ ‫إن جاز اتلعبري احنناء ما وارتداد للضوء ىلع ذاته‪ ،‬ألن ملعان الضوء يرتد ف‬ ‫االجتاه املعاكس من اجلزئيات الرطبة والالمعة‪ .‬ألنه إذ أن هذه طبيعة الومضات‬ ‫الشبيهة باللهب‪ ،‬إذا سقطت ىلع أي سطح أملس‪ ،‬أنها تنعكس ثانية ىلع‬ ‫نفسها‪ ،‬وألن شلك الشمس انلاتج بواسطة الشعاع ىلع اجلزيء الرطب‬ ‫واألملس للهواء هو شلك دائري‪ ،‬حينئذ فإن شلك ادلائرة الشمسية يتحدد‬ ‫بالرضورة باللمعان املنعكس ف اهلواء املبطن للسحابة‪.‬‬ ‫‪16‬‬ ‫وباتلايل يصبح هذا اللمعان متصال مع نفسه ومتقسما‪ .‬ألنه إذ يتكون من‬ ‫األلوان واألشاكل الكثرية فهو ممزتج بشلك ال يدرك مع اللونيات املتعددة‬ ‫للصبغة‪ ،‬إذ خيطف من عيوننا دون أن ندري نقطة اتصال األلوان املختلفة مع‬ ‫بعضها ابلعض‪ .‬نتيجة ذلك ال يمكن رصد املسافة اليت تمزج وتفصل ألوان‬ ‫األخرض املائل إىل الزرقة ولون اللهيب‪ ،‬أو لون اللهيب واألرجواين‪ ،‬أو األرجواين‬ ‫والكهرماين‪ .‬ألنه حني ترى أشعة لك األلوان ف نفس الوقت فيه متمايزة‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك باحتجاب نقاط اتصاهلا فيما بينها‪ ،‬فإنها أيضا تفلت من مراقبتنا‪ ،‬حبيث‬ ‫من املستحيل أن نكتشف إىل أي مدى يمتد اللون األمحر أو األخرض من‬ ‫اللمعان‪ ،‬ومن أي نقطة ال يعود كما اكن عليه حني ينظر إيله ف األجزاء‬ ‫املتمايزة‪.‬‬ ‫وبناء ىلع ذلك كما ف املثال اتلوضييح حنن نمزي بوضوح األلوان املختلفة‪،‬‬ ‫ويف نفس الوقت ال نستطيع أن نرصد بانلظر خطوطا فاصلة بني لك لون وآخر‪،‬‬ ‫تأملوا ‪-‬أنا أرجو ذلك‪ -‬أنه من املمكن أن نستخلص استنتاجات تتعلق‬ ‫بالعقائد اإلهلية‪ ،‬لنستدل عقليا بأن الصفات اتلخصيصية لألقانيم مثل أي لون‬ ‫من األلوان الرباقة اليت تظهر ف قوس قزح‪ ،‬تومض ف لك أقنوم من هذه األقانيم‬ ‫اليت نؤمن أنها ف اثلالوث القدوس‪ ،‬لكن ال وجود الختالف يالحظ ف السمة‬ ‫املمزية لطبيعة الواحد باملقارنة مع اآلخر‪ .‬ومع ذلك ف اخلاصية املشرتكة‬ ‫للجوهر تسطع الصفات اتلخصيصية املمزية للك أقنوم‪ .‬ألنه حىت ف التشبيه‬ ‫اتلوضييح اكن هناك جوهر واحد أومض ذلك انلور املتعدد األلوان‪ ،‬أي اللون‬ ‫اذلي انعكس من خالل الشعاع الشميس‪ ،‬لكن ملعان القوس اذلي ظهر اكن‬ ‫متعدد األنواع‪ .‬العقل أيضا يعلمنا من خالل اليشء املخلوق أال نرتبك ف‬ ‫‪17‬‬ ‫انلقاشات عن العقيدة عندما نصاب بادلوار أمام قبول املوضواعت اليت تناقش‪،‬‬ ‫ف حالة صادفنا حقائق صعبة الفهم‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫ألنه كما هو احلال ف تلك األشياء اليت ترى بالعيون‪ ،‬تبدو اخلربة أفضل من‬ ‫أي نظرية ف اتلعليل‪ ،‬هكذا أيضا ف حالة العقائد اليت تفوق إدراكنا‪ ،‬فاإليمان‬ ‫أقوى من الفهم املبارش من خالل االستدالل العقيل‪ ،‬ألن اإليمان يعلم ما هو‬ ‫منفصل ف األقنوم وما هو متحد ف اجلوهر أيضا‪ .‬وذللك طاملا أن نقاشنا قد‬ ‫راىع من ناحية ما هو مشرتك بني أقانيم اثلالوث املبارك‪ ،‬ومن ناحية أخرى ما‬ ‫هو ممزي للك أقنوم‪ ،‬جيوز نلا أن نقول إن اجلوهر صفة مشرتكة‪ ،‬لكن األقنوم هو‬ ‫اخلاصية املخصصة للك واحد منهم‪.‬‬ ‫(‪ )6‬غري أن ابلعض قد يظن أن عقيدة األقنوم كما رشحت ال تتفق مع‬ ‫الفكر اذلي عرب عنه ف كتابات الرسول (بولس)‪ ،‬واليت يقول فيها بشأن الرب‬ ‫أنه ”بهاء جمده‪ ،‬ورسم أقنومه ‪( “ὑποστάσεως‬عب ‪ .)3 :1‬ألننا إذا رشحنا أن‬ ‫”األقنوم“ هو اجتماع الصفات اتلخصيصية ف لك عضو من أعضاء اثلالوث‪،‬‬ ‫واعرتفنا كما ف حالة اآلب‪ ،‬أن ما يالحظ من طبيعة ختصيصية (تفريدية) هو‬ ‫يشء يعرف هو فقط من خالهل‪ ،‬وىلع نفس املنوال نتمسك بعقيدة مماثلة بشأن‬ ‫االبن الوحيد‪ ،‬فكيف ينسب الكتاب املقدس ف هذا انلص مصطلح ”أقنوم“‬ ‫لآلب وحده‪ ،‬ويقول إن االبن هو صورة ”أقنومه“‪ ،‬وال يتمزي بأقنومه اخلاص‪،‬‬ ‫بل بالصفة اتلخصيصية لآلب؟ ألنه إذا اكن األقنوم هو العالمة املمزية لوجود‬ ‫لك عضو‪ ،‬ونعرتف أيضا أن صفة ”غري املولود“ خمصصة لآلب‪ ،‬لكن االبن قد‬ ‫تشلك بالصفات املتخصصة لآلب‪ ،‬فبناء ىلع هذه احلالة لم يعد يتبىق لآلب كما‬ ‫‪ 27‬حىت إذا أثبت العلم احلديث ورشح كيفية تكون قوس قزح بطريقة أوضح من اليت يرسدها ق باسليوس‪ ،‬فهو يتحدث ف‬ ‫حدود املعارف العلمية املتاحة ف زمانه‪ .‬لكن املبدأ اذلي يقوهل هو أن ما يتعذر إدراكه ف اإلهليات يمكن أن جيد هل تشبيهات‬ ‫وتوازيات فيما يتعذر إدراكه ف اتلفاصيل العويصة لعاملنا املنظور‪ .‬فال ينبيغ أن نرتبك ف أي من ادلائرتني حينما نصل إىل أقىص‬ ‫حدود فهمنا‪ .‬نستطيع أن نثق ف اهلل املعلن ف اثلالوث حىت وإن كنا غري قادرين ىلع حتليله أو تربيره‪.‬‬ ‫‪18‬‬ ‫يبدو أن يدىع حرصيا ”غري املولود“ بمعىن خاص به وحده‪ ،‬إذا اكن وجود االبن‬ ‫الوحيد يتمزي باخلاصية املمزية لآلب‪.‬‬ ‫(‪ )7‬ولكن يمكن أن نقول هذا‪ :‬إن اتلعبري هنا حيقق ف هذا انلص غرضا‬ ‫آخر للرسول (بولس)‪ ،‬وإذ يتطلع حنو هذا اهلدف فإنه يستخدم هذه اللكمات‪:‬‬ ‫”بهاء جمده‪ ،‬ورسم أقنومه“‪ .‬وباتلايل إذا تأمل املرء بعناية هذا انلص‪ ،‬فلن جيد‬ ‫أنه يتعارض مع الالكم اذلي قلناه حنن‪ ،‬وإنما يدعم املعىن اخلاص بفكرة معينة‬ ‫وحمددة‪ .‬ألن الكم الرسول ال يسهب ف كيفية تمايز األقانيم عن بعضها ابلعض‬ ‫بواسطة الصفات الظاهرة فيهم‪ ،‬لكنه يتحدث عن كيف تفهم ابلنوة احلقيقية‪،‬‬ ‫والعالقة احلميمة غري القابلة لالنفصال بني االبن مع اآلب‪ .‬ألنه لم يقل ”اذلي‬ ‫هو جمد اآلب“‪ ،‬برغم أن هذه يه احلقيقة‪ ،‬وإنما إذ أغفل هذا ألن هذا معرتف‬ ‫به بالفعل‪ ،‬فليك يعلمنا أال نتأمل صورة واحدة للمجد ف اآلب وأخرى ف االبن‪،‬‬ ‫فهو حيدد جمد االبن الوحيد بكونه ”بهاء جمد اآلب“ مؤكدا من التشبيه‬ ‫اتلوضييح للنور أن نفهم ارتباطا ال ينحل لالبن ف فكرتنا عن اآلب‪ .‬ألنه كما‬ ‫أن ابلهاء هو من اللهب‪ ،‬وليس شعااع آتيا بعد اللهب‪ ،‬لكن ف نفس الوقت‬ ‫اذلي يشعل فيه اللهب فإن انلور يسطع أيضا‪ ،‬كذلك فإن (الرسول) أراد أن‬ ‫نفكر ف االبن ىلع أنه من اآلب‪ ،‬وأن االبن الوحيد ال ينفصل بفاصل ماكين عن‬ ‫وجود اآلب‪ ،‬بل أراد أن يفهم دائما أن اذلي من املبدأ (االبن) هو مع هذا املبدأ‬ ‫(اآلب)‪.‬‬ ‫وذللك ىلع نفس املنوال كما لو اكن يرشح الفكرة اليت عرضناها سابقا‬ ‫يقول‪” :‬رسم أقنومه“‪ ،‬وبذلك يرشدنا بواسطة تشبيهات توضيحية تنتيم إىل‬ ‫اجلسد إىل تصور غري املنظور‪ .‬ألنه بالرغم أن اجلسم يوجد بكامله ف الصورة‪،‬‬ ‫هناك معىن ”للصورة“ وآخر ”للجسم“‪ ،‬وال أحد يقدم تعريفا ألي منهما‬ ‫سيطبق تعريف أحدهما ىلع اآلخر‪ .‬ومع ذلك إذا اكن بالعقل يمكنك أن تفصل‬ ‫‪19‬‬ ‫الصورة عن اجلسم‪ ،‬فالطبيعة ال تسمح بهذا الفصل‪ ،‬لكننا نفكر ف الواحد‬ ‫متحدا باآلخر‪ .‬وهكذا يفكر الرسول (بولس)‪ ،‬فربغم أن عقيدة اإليمان تعلم‬ ‫بأن الفرق بني األقانيم غري خمتلط ومتمايز‪ ،‬إال أنه من الرضوري أن يقدم من‬ ‫خالل الكمه اذلي اقتبسانه للتو‪ ،‬االتصال الوثيق واالحتاد الطبييع ‪-‬إن جاز‬ ‫اتلعبري‪ -‬بني االبن الوحيد واآلب‪ ،‬ليس ألن االبن الوحيد ال يوجد ف أقنوم‪ ،‬بل‬ ‫ألنه ال يسمح بأي مساحة فاصلة ف وحدته مع اآلب‪.‬‬ ‫وبناء ىلع ذلك من نظر بعناية إىل صورة االبن الوحيد من خالل عيين نفسه‪،‬‬ ‫فإنه يصل أيضا لفهم ”أقنوم“ اآلب‪ ،‬غري أن اتلفرد اذلي يالحظ فيهما ال‬ ‫يمكن تبادهل وال يمكن مزجه حبيث نديع أن املولودية صفة اآلب‬ ‫والالمولودية صفة االبن‪ ،‬لكن ف ضوء ذلك إذا فصلنا الواحد عن اآلخر‪ ،‬وهو‬ ‫أمر مستحيل‪ ،‬فنحن ندرك اآلخر بذاته وحده‪ .‬ألنه من املستحيل عندما نسيم‬ ‫االبن أال نفكر أيضا ف اآلب‪ ،‬ألن هذا اللقب يشري طبيعيا إىل اآلب أيضا‪.‬‬ ‫(‪ )8‬وذللك طاملا أن من رأى االبن فقد رأى اآلب أيضا كما يقول الرب ف‬ ‫األناجيل‪ ،‬فعىل هذا األساس يؤكد الرسول ىلع أن االبن الوحيد هو ”صورة‬ ‫‪28‬‬ ‫أقنوم“ اآلب‪ .‬وليك تتضح الفكرة أكرث سندمج ف نقاشنا لكمات الرسول اليت‬ ‫يقول فيها إن االبن هو ”صورة اهلل غري المنظور“ (كو ‪ ،)15 :1‬ومرة أخرى‬ ‫”صورة جودته“ (حك ‪ ،)26 :7‬ليس ألن الصورة ختتلف عن األصل من جهة‬ ‫معىن الالمنظورية والصالح (اجلود)‪ ،‬لكن ليك يتبني أنه مطابق لألصل برغم‬ ‫أنه يشء آخر‪.‬‬ ‫ألن معىن لكمة ”صورة“ لن يبىق إذا لم يكن مماثال تماما وواضحا تماما‬ ‫من لك اجلوانب مثل األصل‪ .‬وذللك من املؤكد أن من نظر مجال الصورة يصل‬ ‫‪ 28‬قارن يو ‪.9 :14‬‬ ‫‪20‬‬ ‫تصور ف عقله ”صورة“ االبن إن جاز اتلعبري‪ ،‬فإنه‬ ‫‪฀‬‬ ‫إىل إدراك األصل‪ .‬ومن‬ ‫يتصور ”صورة أقنوم أبيه“‪ ،‬من خالل انلظر إىل األخري (اآلب) من خالل األول‬ ‫(االبن)‪ ،‬إذ إنه ال يرى المولودية اآلب ف االنعاكس (ألنه ف هذه احلالة سيصبح‬ ‫االبن باتلأكيد هو اآلب نفسه بالاكمل وليس أحدا آخر)‪ ،‬لكن من خالل‬ ‫انلظر ادلقيق للجمال غري املولود ف املولود‪ .‬ألنه كما أن من نظر ف مرآة نظيفة‬ ‫انعاكسا لشلك ما أصبح دليه معرفة واضحة عن الوجه املنعكس‪ ،‬هكذا من‬ ‫تعلم معرفة االبن قد حتصل ف قلبه ىلع ”صورة أقنوم أبيه“ من خالل معرفة‬ ‫االبن‪ .‬ألن لك صفات اآلب ترى ف االبن‪ ،‬ولك صفات االبن تنتيم أيضا إىل‬ ‫اآلب‪ ،‬ألن االبن جبملته يمكث ف اآلب ودليه اآلب جبملته فيه‪ 29.‬وذللك يصبح‬ ‫شخص االبن‪ ،‬إن جاز اتلعبري‪ ،‬صورة ووجه معرفة اآلب‪ ،‬ويعرف شخص اآلب‬ ‫ف صورة االبن‪ ،‬برغم أن اتلفرد اذلي يرى فيهما يبىق من أجل اتلمايز الواضح‬ ‫ألقنوميهما‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪ 29‬قارن يو ‪.10 :14‬‬ ‫‪ 30‬وباتلايل يعرب ق باسليوس عن اتلعليم اثلالويث األرثوذكيس ف عبارة واحدة‪” :‬جوهر واحد وثالثة أشخاص (أو أقانيم)“‪ .‬وال‬ ‫يستخدم ف كتاباته بعد ذلك املعىن القديم للكمة هيبوستاسيس بمعىن أوسيا (جوهر)‪ .‬قارن ق أثناسيوس ”ضد األريوسيني“ ‪:3‬‬ ‫‪.33 :4 ،64‬‬ ‫‪21‬‬